للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وخرجت إِلَى سيدها وجعلت تقبله وتبكي، وأخبرها خبره من حين خروجه من عندها إِلَى أن رجع، فقام ولده حينئذ واعتذر إِلَيْهِ من تقصيره وأصلح حاله، ثم أدخله عَلَى المأمون فحدثه بحديثه، فخلع عليه وصيره جهبذًا له عَلَى ما كان عليه ابنه، وأجرى عليه الرزق وقلد ابنه عملا أجلَّ من عمله.

وروى المعافى بن زكريا النهرواني بإسناده عن سوّار القاضي أنَّه خرج يومًا من دار المهدي، فدخل داره بغدائه فجاشت نفسه، فرده ثم دعا بجارية له فلم تطب نفسه، فدخل للقائلة فلم يأخذه النوم، فنهض وركب بغلته، فلقيه وكيل له معه ألفا درهم، فَقَالَ له: أمسكها معك واتبعني. وخلى بغلته فذهبت به، فحضرت الصلاة وهو في بعض الشوارع فدخل فصلى في مسجد هناك، فلما قضى صلاته، إذا هو بأعمى يتلمس، فَقَالَ له: ما تريد؟ قال له: أريدك. قال: وما حاجتك؟ قال: شممت منك ريح الطيب فظننت أنك من أهل النعيم فأردت أن ألقي إليك شيئًا. قال: قل. قال: أترى هذا القصر؟ لقصر هناك. قال: نعم، قال: فإنَّه كان لأبي فباعه، ثم خرج إِلَى خراسان فخرجت معه فزالت عنا النعم التي كلنا فيها، فقدمت فأتيت صاحب الدار لأسأله شيئًا يصلني به وأصير إِلَى سوّار القاضي؛ فإنَّه كان صديقًا لأبي، قال سوّار: قلت: فمن أبوك؟ قال: فلان بن فلان. فإذا هو أصدق الناس لي، فقلت له: فإن الله قد أتاك بسوّار منعه الطعام والشراب والنوم وجاء به بين يديك. ثم دعا سوار وكيله فأخذ منه الدراهم فدفعها إِلَيْهِ، وقال له: إذا كان غد فصر إِلَيّ. قال سوّار: ثم دخلت عَلَى المهدي فحدثته بهذا الحديث، فأعجبه وأمر للأعمى بمائة ألف دينار، قال سوّار: فجاءني الأعمى، فدفعت إِلَيْهِ الألفي دينار وقلت له: قد رزق الله بكرمه بك خيرًا كثيرًا، وأعطيته من مالي ألفي دينار أيضاً.

وخرَّج ابن أبي الدُّنْيَا في كتابه "الفرج بعد الشدة" بإسناده عن وَضَّاح بن خيثمة قال: أمرني عمر بن عبد العزيز رحمه الله بإخراج من في السجن، فأخرجتهم إلا يزيد بن أبي مسلم فنذر هدر دمي، فإني لبإفريقية إذ قيل لي: قدم يزيد بن أبي سفيان -يعني: أميرًا عَلَى إفريقية- فهربت منه، وأرسل في طلبي