للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وورد في حديث آخر (١): "إِذَا جَاءَ المَوْتُ طَالِبَ العِلْمِ فَهُوَ شَهِيدٌ".

وقال معاذ بن جبل: «تَعَلَّمُوا الْعِلْمَ فَإِنَّ تَعَلُّمَهُ لِلَّهِ [حَسَنَة] (٢)، وَطَلَبَهُ عِبَادَةٌ، وَمُدَارَسَتهُ تَسْبِيحٌ، وَالْبَحْثَ عَنْهُ جِهَادٌ، وَتَعْلِيمَهُ لِمَنْ لَا يَعْلَمُ صَدَقَةٌ، وَبَذْلَهُ لِأَهْلِهِ قُرْبَةٌ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ سَبِيلُ مَنَازِلِ أَهْلِ الْجَنَّةِ، وَهُوَ الْأَنِيسُ فِي الْوِحْدَةِ، وَالصَّاحِبُ فِي الْغُرْبَةِ وَالْمُحَدِّثُ فِي الْخَلْوَةِ، وَالدَّلِيلُ عَلَى السَّرَّاءِ وَالمُعِينُ عَلَى الضَّرَّاءِ، وَالسِّلَاحُ عَلَى الْأَعْدَاءِ، وَالزِّيْنُ عِنْدَ الْأَخِلَّاءِ، يَرْفَعُ اللهُ تَعَالَى بِهِ أَقْوَامًا فَيَجْعَلُهُمْ فِي الْخَيْرِ قَادَةً وَأَئِمَّةً، تقْتَصُّ آثَارُهُمْ، وَيُقْتَدَى بِفِعَالِهِمْ، وَيُنْتَهَى إِلَى رَأْيِهِمْ، تَرْغَبُ الْمَلَائِكَةُ فِي خِلَّتِهِمْ، وَبِأَجْنِحَتِهَا تَمْسَحُهُمْ، يَسْتَغْفِرُ لَهُمْ كُلُّ رَطْبٍ وَيَابِسٍ حِِيتَانُ الْبَحْرِ وَهَوَامُّهُ، وَسِبَاعُ البَرِّ وَأَنْعَامُهُ؛ لِأَنَّ الْعِلْمَ حَيَاةُ الْقُلُوبِ مِنَ الْجَهْلِ، وَمِصْابِيح الْأَبْصَارِ مِنَ الظُّلْمِ، وَقُوَّةُ الأَبْدَانِ مِنَ الضَّعْفِ، يَبْلُغُ [بِالْعَبْدِ فِي الْعِلْمَ] (*) مَنَازِلَ الْأَخْيَارِ والأَبْرَارِ وَالدَّرَجَاتِ الْعُلَى فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَالتَّفَكُّرُ فِيهِ يَعْدِلُ الصِّيَامِ، وَمُدَارَسَتُهُ تَعْدِلُ الْقِيَامِ، بِهِ تُوصَلُ الْأَرْحَامُ، وَيُعْرَفُ الْحَلَالُ مِنَ الْحَرَامِ، وَهُوَ إِمَامُ الْعمَلِ، وَالْعَمَلُ تَابِعُهُ يُلْهَمُهُ السُّعَدَاءَ، وَيُحْرَمُهُ الْأَشْقِيَاءِ» (٣).

رواه ابن عبد البر ... "به يُعْرَف اللهُ وَيُعْبَد، وبه يمجد ويوحد، يرفع الله بالعلم أقوامًا فيجعلهم قادة وأئمة للناس يقتدون بهم ويرجعون إلى رأيهم". في كلام أكثر من هذا. وقد روي هذا مرفوعًا من حديث أبي هريرة (٤).


(١) أخرجه البزار (١٣٨ - كشف الأستار)، وابن عبد البر في "جامع بيان العِلْم وفضله" (١١٥)، والخطيب في " الفقيه والمتفقه " (٥١)، ويعقوب بن سفيان في "المعرفة والتاريخ" (٣/ ٤٩٩) عن أبي سلمة، عن أبي هريرة وأبي ذر مرفوعًا. قال الهيثمي في "المجمع" (١/ ١٢٤): "رواه البزار، وفيه: هلال بن عبد الرحمن الحنفي، وهو متروك".
(٢) هكذا في "الأصل": وفي "الفقيه والمتفقه" برقم (٥٠)، وفي "جامع بيان العِلْم وفضله" لابن عبد البر "خشية".
(*) في "جامع بيان العِلْم" (٢٦٨): ييلغ العبد بالعلم.
(٣) أخرجه ابن عبد البر في "جامع بيان العِلْم" (٢٦٨) مرفوعًا وحكم عليه شيخنا الفاضل أبو الأشبال بالوضع فليراجع هناك. وليراجع "تكميل النفع" لشيخنا العلامة محمد عمرو عبد اللطف برقم (١٣).
(٤) أخرجه الخطيب في "الفقيه والمتفقه " (٥٠).