للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال: ذلك من فرحي بحب الله -عز وجل-، إذا ذكرت أنَّه ربي وأنا عبده لم يمنع أن يصلح".

وقال الفضل الرقاشي: "والله لو جمع للعباد جميع لذات الدُّنْيَا بحذافيرها لكان امتهانهم أنفسهم لله بطاعته ألذ وأحلى عندهم من ذلك كله".

وقال إبراهيم بن أدهم: "أعلى الدرجات: أن يكون ذكر الله عندك أحلى من العسل، وأشهى من الماء العذب الصافي عند العطشان في اليوم الصائف".

وقال زبيد اليامي: "إن لله عبادًا ذكروه فخرجت نفوسهم به إعظامًا واشتياقًا، وقومًا ذكروه فوجلت قلوبهم فرقًا وهيبة له، فلو أحرقوا بالنار لم يجدوا مس النار، وآخرون ذكروه في الشتاء وبرده فارفضوا عرقًا من خوفه، وقومًا ذكروه فحالت ألوانهم غبرًا، وقومًا ذكروه فجفت أعينهم سهرًا".

"وكان أبو حفص النيسابوري إذا ذكر الله تغيرت عليه حاله حتى كان يرى ذلك منه جميع من حضره، ففعل ذلك مرة فلما رجع قال: ما أبعد ذكرنا من ذكر المحققين، فما أظن محققًا يذكر الله من غير غفلة ثم يبقى بعد ذلك حيًّا إلا الأنبياء؛ فإنهم أيدوا بقوة النبوة، وخواص الأولياء بقوة ولايتهم، ومع ذلك كله فلو كشف الغطاء لتبين أن الأمر أعظم وأعظم. ولهذا يقول أهل الجنة إذا كشفت لهم الحجب ورأوه معاينة قالوا: سبحانك، ما عبدناك حق عبادتك" (١).

وفي حديث آخر: «إِنَّ لِلَّهِ مَلَائِكَةً فِي السَّمَاءِ قِيَامًا إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ تَرْعَدُ فَرَائِصُهُمْ مِنْ مَخَافَتِهِ، مَا مِنْهُمْ مَلَكٌ تَقْطُرُ مِنْ عَيْنَيْهِ دَمْعَةٌ إِلَّا وَقَعَتْ عَلَى مَلَك يُسَبِّحُ، وَلِلَّهِ مَلَائِكَةً سُجُودًا مُنْذُ خَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَمْ يَرْفَعُوا رُءُوسَهُمْ وَلَا يَرْفَعُونَهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَصُفُوفًا لَمْ يَتَفَرَّقُوا عَنْ مَقَامِهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ فَإِذَا


(١) أخرج نحوه محمد بن نصر المروزي في "تعظيم "قدر الصلاة" (٢٥٦) مطولاً من حديث عمر مرفوعًا من قول الملائكة.
قال ابن كثير في تفسيره (١٤/ ١٨٨ط - أولاد شيخ): هذا حديث غريب جدًّا؛ بل منكر نكارة شديدة ... والعجب من الإمام محمد بن نصر، كيف رواه ولم يتكلم عليه، ولا عَرَّف بحاله، ولا تعرض لضعف بعض رجاله؟ غير أنَّه رواه من وجه آخر عن سعيد بن جبير مرسلاً بنحوه. ومن طريق أخرى عن الحسن البصري مرسلاً قريبًا منه.