وسئل عن أقرب ما يتقرب به العبد إِلَى الله -عز وجل-؟ فبكى وقال: "مثلي يُسْألُ عن هذا؟! أفضل ما يتقرب به العبد إِلَى الله -عز وجل- أن يطلع عَلَى قلبك وأنت لا تريد من الدُّنْيَا والآخرة غيره".
وقال: "لو لم يكن لأهل المعرفة إلا هذه الآية الواحدة لاكتفوا بها {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} [القيامة: ٢٢].
وقال:"أي شيء أراد أهل المعرفة؟ ما أرادوا كلهم إلا ما سأل موسى - عليه السلام".
وذكر ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن مسمع بن عاصم قال: اختلف العابدون عندنا في الولاية؛ فتكلموا في ذلك كلامًا كثيرًا، واجتمعوا عَلَى أن يأتوا امرأة من بني عدي يقال لها: أمة الجليل بنت عمرو، وكانت منقطعة جدًّا من طول الاجتهاد، فأتوا فعرضوا عليها اختلافهم وما قالوا، فقالت: ساعات الولي ساعات شغل عن الدُّنْيَا، ليس للولي المستحق في الدُّنْيَا من حاجة". ثم أقبلت عَلَى كلاب بن جري فقالت: من حدثك أو أخبرك أن وليه له هم غيره فلا تصدقه. قال مسمع: فما كنت أسمع إلا التصارخ من نواحي البيت".
وروى إبراهيم ببن الجنيد، عن محمد بن الحسين قال: حدثني حكيم بن جعفر قال: قال ضيغم لكلاب: "إن حبه شغل قلوب مريديه عن التلذذ بمحبة غيره، فليس لهم مع حبه لذة تداني محبته ولا يكون في الآخرة من كرامة الثواب أكبر عندهم من النظر إِلَى وجهه). قال: فسقط كلاب عند ذلك مغشيا عليه".
وروى بإسناده عن عبد العزيز بن سليمان العابد أنَّه كان يقول في كلامه: أنت أيها المحب، تزعم أن محبتك لله تحقيق، أما والله لو كنت كذلك لضاقت عليك الأرض برحبها حتى تصل إِلَى رضا حبيبك وإلى النظر إِلَى وجهه في دار كبريائه وعزه. قال: ولقد كان إذا أخد في هذا النعت سمعت التصارخ من نواحي المسجد".