للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كُسِروا بالخوف، وروحوا بالظفر".

"وكان أبو عبيدة الخواص يمشي في الأسواق ويضرب عَلَى صدره ويقول: واشوقاه إِلَى من يراني ولا أراه".

"وكانت امرأة من المتعبدات بمكة لا تزال تصرخ وتقول: "أو ليس عجبًا أن أكون حية بين أظهركم وفي قلبي من الاشتياق إِلَى ربي مثل شعل النار التي لا تطفأ حتى أصير إِلَى الطبيب الَّذِي (بيده) (١) برؤ دائي وشفائي".

وقال ذو النون: "إن المؤمن إذا آمن بالله واستحكم إيمانه خاف الله، فإذا خاف الله تولدت من الخوف هيبة الله، فإذا سكنت درجة الهيبة دامت طاعته لربه، فإذا أطاع تولد من الطاعة الرجاء، فإذا سكنت درجة الرجاء تولد من الرجاء المحبة، فإذا استحكمت معاني المحبة في قلبه سكن بعدها درجة الشوق، فإذا اشتاق أدّاه الشوق إِلَى الأنس بالله، فإذا أنس بالله اطمأن إِلَى الله، فإذا اطمأن إِلَى الله كان ليله في نعيم، ونهاره في نعيم، وسِرُّهُ في نعيم، وعلانيته في نعيم". انتهى.

ولا ريب أن الشوق يقتضي القلق، لكن قد يمنح الله بعض أهله ما يسكن قلقهم من الأنس به والطمأنينة إِلَيْهِ، كما أشار ذو النون -رحمه الله تعالى.

وعن إبراهيم بن أدهم قال: "قلت يومًا اللهم إن كنت أعطيت أحدًا من المحبين لك ما (سكنت) (٢) به قلوبهم قبل لقائك، فأعطني ذلك فلقد أضر بي القلق. قال: فرأيته تبارك وتعالى في (المنام) (٣) فوقفني بين يديه وقال لي: "يا إبراهيم، أما استحيت مني؟ تسألني أن أعطيك ما (تُسَكِّن) (٤) به قلبك قبل


(١) في المطبوع: "عنده".
(٢) في المطبوع: "أسكنت".
(٣) في المطبوع: "النوم".
(٤) في المطبوع: "يسكن".