للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إياك عندك سواء فقد بلغت الغاية من حب الله".

وذكر أبو القاسم الدمشقي الحافظ في "تاريخه" بإسناد عن أبي شعيب قال: "سألت إبراهيم بن أدهم الصحبة إِلَى مكة قال: عَلَى شريطة: عَلَى أنك لا تنظر إلا لله وبالله فشرطت له ذلك عَلَى نفسي، فخرجت معه فبينما نحن في الطواف فإذا أنا بغلام قد افتتن الناس به وبحسنه وماله، فجعل إبراهيم يديم النظر إِلَيْهِ، فلما أطال ذلك قلت: يا أبا إسحاق، أليس شرطت عليّ أنك لا تنظر إلا لله وبالله؟! قال: بلى. قلت: (إني) (١) أراك تديم النظر إِلَى هذا الغلام! فَقَالَ: إن هذا ابني وولدي، وهؤلاء غلماني وخدمي الذين معه، ولولا شيء لقبَّلتُه ولكن انطلق فسلم عليه مني. قال: فمضيت إِلَيْهِ وسلمت عليه من والده، فجاء إِلَى والده فسلم عليه ثم صرفه مع الخدم. فَقَالَ: ارجع انتظر (أيش) (٢) يراد بك. ثم أنشأ يقول:

هجرت الخلق طُرًّا في هواكا ... وأيتمتُ العيالَ لكي أراكا

فلو قطعتني في الحبِّ إربًا ... لما حَنَّ الفُؤادُ إِلَى سواكا

وروى ابن أبي الدُّنْيَا بإسناده عن عبد الواحد بن زيد قال: "خرجت إِلَى ناحية الحربية، فإذا إنسان أسود مجذوم قد تقطعت كل جارحة له بالجذام، وعمي وأقعد، وإذا صبيان يرمونه بالحجارة حتى دموا وجهه [ورأسه] (٣) فرأيته يحرك شفتيه، فدنوت منه لأسمع ما يقول، فإذا هو يقول: يا سيدي [إنك لتعلم] (٣) أنك لو قرضت لحمي بالمقاريض ونشرت عظمي بالمناشير ما ازددت لك إلا حبًّا؛ فاصنع بي ما شئت! ".

وعن الأوزاعي قال: "حدثني بعض الحكماء قال: رأيت رجلاً [قد] (٣) ذهبت يداه ورجلاه وهو يقول: اللهم إني أحمدك حمدًا يوافي محامد خلقك كفضلك عَلَى سائر خلقك، إذ فضلتني عَلَى كثير ممن خلقت تفضيلا! فقلت له:


(١) في المطبوع: " فإني".
(٢) في المطبوع: "أي شيء".
(٣) من المطبوع.