للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وشكا رجل إِلَى فضيل الفقر، فَقَالَ فضيل: "أمدبّرًا غير الله تريد؟! ".

وقالت رابعة: "إن أولياء الله إذا قضى لهم شيئًا لم (يتسخطوه) (١) ".

وقال يحيى بن معاذ: "لو أحببت ربك ثم جوعك وأعراك لكان يجب أن تحتمله وتكتمه عن الخلق، فقد يحتمل (الحبيب) (٢) لحبيبه الأذى، فكيف وأنت تشكوه فيما لم يصنعه بك".

وفي هذا المعنى يقول القائل:

ويقبح من سواك الفعلُ عندي ... وتفعله فيحسنُ منك ذاكا

وقد تقدم ما أنشده أبو تراب النخشبي:

لا تُخدعن فللمحب دلائل ... ولديه من تحفِ الحبيبِ وسائلُ

منها تنعمه بمر بلائِه ... وسُرورُه في كلّ ما هو فاعل

فالمنع منه عطيةٌ مقبولةٌ ... والفقر إكرام وبر عاجل

كان فتح الموصلي: يجمع عياله (في) (٣) ليالي الشتاء ويضم كسائه عليهم ثم يقول: "اللهم أفقرتني وأفقرت عيالي وجوعتني وجوعت عيالي وأعريتني وأعريت عيالي، بأي وسيلة توسلتها إليك، وإنَّما تفعل هذا بأوليائك وأحبابك، فهل أنا منهم حتى أفرح. ودخل ليلة إِلَى أهله وهو صائم فلم يجد عندهم عشاءً، ولا ما يسرجون به فجلس يبكي من الفرح ويقول: "إلهي مثلي يترك بلا عشاء ولا سراج بأي يد كانت مني. فما زال يبكي إِلَى الصباح".

ويروى عن الفضيل بن عياش نحو هذا أيضًا.

"وكان علي بن بابويه الصوفي في الطواف (فهجم) (٤) القرامطة عَلَى


(١) في المطبوع: "يسخطوه".
(٢) في المطبوع: "المحب".
(٣) من المطبوع.
(٤) في المطبوع: "هجمت".