للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بإحسان.

فالمحبة الصحيحة [لهم] (*) تقتضي مشاركتهم في أصل عملهم، وإن عجز عن بلوغ غايته. كما قال أنس -رضي الله عنه-: ولهذا قال السائل للنبي - صلى الله عليه وسلم - "ما أعددت لها (كثير) (١) صلاة ولا صيام ولا صدقة" فدل عَلَى أنَّه قد أتى من ذلك بما وجب عليه [و] (٢) لم يأت بأزيد من ذلك.

قال عبيد بن عمير: "جاء رجل إِلَى النبي - صلى الله عليه وسلم - فَقَالَ: يا رسول الله، الرجل يحب المصلين ولا يصلي إلا قليلاً، ويحب الصائمين ولا يصوم إلا قليلاً، ويحب الذاكرين ولا يذكر إلا قليلاً، ويحب المتصدقين ولا يتصدق إلا قليلاً، ويحب المجاهدين ولا يجاهد إلا قليلاً، وهو في ذلك يحب الله ورسوله؟ قال: هو يوم القيامة مع من أَحَبّ".

وقال أبو سالم (الجيشاني) (٣): جاء رجل إِلَى النبي صلّى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يا رسول الله، إني أرى الرجل الجواد فأحب الجود وفيّ بخل، وأرى الرجل الحسن الخلق فأحب حسن الخلق (وفي خلقي شيء) (٤) وأرى الرجل الجريء فأحب الجراءة وفيَّ جبن؟ قال: أنت مع من أحببت".

قال الحسن: "ابن آدم لا تغتر بقول من يقول المرء مع من أَحَبّ، إنه من أَحَبّ قومًا اتبع آثارهم، ولن تلحق بالأبرار حتى تتبع آثارهم وتأخد بهديهم وتقتدي بِسُنَّتهم وتُصبحَ وتمسي وأنت عَلَى منهاجهم، حريصًا عَلَى أن تكون منهم فتسلك سبيلهم وتأخذ طريقهم، وإن كنت مقصرًا في العمل، فإنما ملاك الأمر أن تكون عَلَى استقامة، أما رأيت اليهود والنصارى وأهل الأهواء المردية يحبون


(*) من المطبوع ووقع في المخطوط: "لا".
(١) في المطبوع: " من كبير".
(٢) من المطبوع.
(٣) في المطبوع: "الجوشاني".
(٤) في المطبوع: "وخلقي سيء".