للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصلاة كفارس اشتدَّ به فرسه في سبيل الله عَلَى كشحه (١) تُصلِّي عليه ملائكة الله ما لم يحدث أو يقوم، وهو في الرباط الأكبر".

ويدخل في قوله: "والجلوس في المساجد بعد الصلوات": الجلوس للذكر والقراءة وسماع العِلْم وتعليمه ونحو ذلك، لاسيما بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس، فإنَّ النصوص قد وردت بفضل ذلك، وهو شبيه بمن جلس ينتظر صلاة أخرى؛ لأنّه قد قضى ما جاء إِلَى المسجد لأجله من الصلاة وجلس ينتظر طاعة أخرى.

وفي "الصحيح" (٢) عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله تعالى يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم، إلا نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفّتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده".

وأما الجالس قبل الصلاة في المسجد لانتظار تلك الصلاة خاصة فهو في صلاة حتى يصلي، وفي "الصحيحين" (٣) عن أنس عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنَّه لما أخر صلاة العشاء الآخرة ثم خرج فصلى بهم: قال لهم: "إنكم لم تزالوا في صلاة ما انتظرتم الصلاة".

وفيهما أيضاً (٤) عن أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "الملائكة تصلي عَلَى أحدكم ما دام في مصلاه ما لم يحدث: اللهم اغفر له، اللهم ارحمه. ولا يزال أحدكم في صلاة ما كانت الصلاة تحبسه، لا يمنعه أن ينقلب إِلَى أهله إلا الصلاة".

وفي رواية لمسلم (٥): "ما لم يؤذ فيه، ما لم يحدث فيه".

وهذا يدل عَلَى أن المراد بالحدث: حدث اللسان ونحوه من الأذى، وفسره


(١) قال ابن الأثير: الكاشح: العدو الَّذِي يُضمر عدواته ويطوي عليها كشحه، أى: باطنه. والكشح: الخصر.
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٩٩).
(٣) أخرجه البخاري (٥٧٢)، ومسلم (٦٤٠).
(٤) تقدم تخريجه.
(٥) برقم (٦٤٩).