للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أبو هريرة بحدث الفرج، وقيل: إنه يشمل الحدثين.

وفي "المسند" (١) عن عقبة بن عامر عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "القاعد يرعى الصلاة كالقانت، ويكتب من المصلين من حين يخرج من بيته حتى يرجع إِلَيْهِ".

وفي رواية له (٢): "فَإِذَا صلّى في المسجد ثم قَعد فيه كان كالصائم القانت حتى يرجع". وفي هذا المعنى أحاديث كثيرة.

وبالجملة فالجلوس في المسجد للطاعات له فضلٌ عظيمٌ، وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "لا يوطِّنُ رجلٌ المساجد للصلاة والذكر إلا تبشبش الله عز وجل به كما يتبشبش أهل الغائب إذا قَدِمَ عليهم غائبهم" (٣).

وروى درّاج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد عن النبي صلّى الله عليه وسلم قال: "من ألف المسجد ألفه الله" (٤).

وقال سعيد بن المسيب: من جلس في المسجد فإنما يجالس الله عز وجل.

وصح عن النبي صلّى الله عليه وسلم أنَّه عدَّ من السبعة الذين يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله: "رجل قلبه معلق بالمسجد إذا خرج منه حتى يعود إِلَيْهِ" (٥).

وإنَّما كان ملازمة المسجد للطاعات مكفرًا للذنوب لأنّ فيه مجاهدة النفس، وكفًا لها عن أهوائها فإنها لا تميل إلا إِلَى الانتشار في الأرض لابتغاء الكسب أو لمجالسة الناس لمحادثتهم أو للتنزه في الدور الأنيقة والمساكن الحسنة ومواطن النَّزه ونحو ذلك، فمن حبس نفسه في المساجد عَلَى الطاعة فهو مرابط لها في سبيل الله، مخالف لهواها وذلك من أفضل أنواع الصبر والجهاد.


(١، ٢) أخرجهما أحمد (٤/ ١٥٩).
(٣) أخرجه أحمد (٢/ ٣٢٨، ٤٥٣)، وابن ماجه (٨٠٠) وقال البوصيري في الزوائد (١/ ١٠٢): هذا إسناد صحيح.
(٤) أخرجه ابن عدي (٤/ ١٥٢)، والطبراني في الأوسط (٦٣٨٣).
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن دراج إلا ابن لهيعة، تفرد به عمرو بن خالد.
وقال الهيثمي (٢/ ٢٣): وفيه ابن لهيعة وفيه كلام.
(٥) أخرجه البخاري (٦٦٠)، ومسلم (١٠٣١).