للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخر منهم -وجرى له نحو من ذلك:- إذا أكلته كان في الحش، وإذا أطعمته كان عند الله مذخورًا.

ورُوي عن علي قال: لأنّ أجمع أناسًا من إخواني عَلَى صاع من طعام، أَحَبّ إِلَيَّ من أن أدخل سوقكم هذا فأبتاع نسمة فأعتقها.

وعن أبي جعفر محمد بن علي قال: لأنّ أدعو عشرةً من أصحابى فأطعمهم طعامًا يشتهونه أَحَبّ إِلَيَّ من أن أعتق عشرة من ولد إسماعيل.

أأصف الإيثار لمن يبخل بأداء الحقوق الواجبة عليه؟! أأطلب الشجاعة من الجبان، وأستشهد عَلَى رؤية الهلال من هو من جملة العميان؟! كم بين من قيل فيه: {فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ} [التوبة: ٧٦] وبين من قيل فيه: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} [الحشر: ٩].؟! كم بيننا وبين القوم كما بين اليقظة والنوم.

لا تعرضن لذكرنا في ذكرهم ... ليس الصحيح إذا مشى كالمقعد

فيا من يطمع في علو الدرجات من غير عمل صالح هيهات هيهات! {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجاثية: ٢١].

نزلوا بمكة في قبائل هاشم ... ونزلت بالبيداء أبعد منزل

(الثاني من الدرجات): لين الكلام، وفي رواية: "إفشاء السلام". وهو

داخل في لين الكلام، وقد قال الله عز وجل: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: ٨٣]، وقال تعالى: {وَقُلْ لِعِبَادِي يَقُولُوا الَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [الإسراء: ٥٣]، وقال تعالى: {ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (٣٤) وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ} [فصلت: ٣٤، ٣٥]، وقال تعالى: {وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} [النحل: ١٢٥]، وقال تعالى: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} [العنكبوت: ٤٦]، ولما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -. "الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة" قالوا له: وما الحج المبرور يا