للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رأت امرأة من الصالحات في منامها كأن حللا قد فرقت عَلَى أهل مسجد محمد بن جحادة، فلما انتهى الَّذِي يفرقها إِلَيْهِ دعا بسفط (١) مختوم فأخرج منه حلة صفراء، قالت: فلم يقم لها بصري، فكساه إياها، وقال: هذه لك بطول السهر.

قالت: فوالله لقد كنت أراه -تعني: محمد بن جحادة- بعد ذلك فأتخايلها عليه- تعني تلك الحلة.

قال كرز بن وبرة: بلغني أن كعبًا قال: إن الملائكة ينظرون من السماء إِلَى الذين (يتهجدون) (*) بالليل كما تنظرون أنتم إِلَى نجوم السماء.

يا نفس فاز الصالحون بالتقى ... وأبصروا الحق وقلبي قد عمي

يا حُسْنَهُم والليل قد جنهم ... ونورهم يفوق نور الأنجم

ترنموا بالذكر في ليلهم ... فعيشهم قد طاب بالترنم

قلوبهم للذكر قد تفرغت ... دموعهم كلؤلؤ منتظم

أسحارهم بهم لهم قد أشرقت ... وخلع الغفران خير القِسَمِ

في بعض الآثار يقول الله عز وجل كل ليلة: يا جبريل أقم فلانًا وأنم فلانًا.

قام بعض الصَّالحين في ليلة باردة، وكان عليه خلقان رثَّة فضربه البرد فبكى، فسمع هاتفًا يقول: أقمناك وأنمناهم، ثم تبكي علينا!

تنبهوا أيا أهيل ودي ... كم ذا الكرى، هب نسيم نجد

كم بين خال وجوٍّ وساهر ... وراقد وكاتم ومبدي

قيل لابن مسعود: ما نستطيع قيام الليل.

قال: أبعدتكم ذنوبكم.

وقيل للحسن: أعجزنا قيام الليل.


(١) كيس يعبأ فيه الطيب وما أشبهه من أدوات النساء. (اللسان: ٧/ ٣١٥).
(*) يصلون: "نسخة".