للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُعظم أهل الدين، ويحب المساكين.

ومرَّ ابنه الحسن عَلَى مساكين يأكلون، فدعوه فأجابهم وأكل معهم، وتلا: {إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ} [النحل: ٢٣] ثم دعاهم إِلَى منزله فأطعمهم وأكرمهم.

وكان ابن عمر لا يأكل غالبًا إلا مع المساكين، ويقول: لعلَّ بعض هؤلاء أن يكون ملكًا يوم القيامة.

وجاء مسكين أعمى إِلَى ابن مسعود -وقد ازدحم الناس عنده- فناداه: يا أبا عبد الرحمن! آويت أرياب الخزِّ واليمنية (١) وأقصيتني لأجل أني مسكين. فَقَالَ له: أدنه. فلم يزل يدنيه حتى أجلسه إِلَى جانبه أو بقربه.

وكان مطرف بن عبد الله يلبس الثياب الحسنة ثم يأتي المساكين ويُجالسهم.

وكان سفيان الثوري يعظم المساكين ويجفو أهل الدُّنْيَا، فكان الفقراء في مجلسه هم الأغنياء، والأغنياء هم الفقراء.

وقال سليمان التيمي: كنا إذا طلبنا علية أصحابنا وجدناهم عند الفقراء والمساكين.

وقال الفضيل: من أراد عز الآخرة فليكن مجلسه مع المساكين.

ومن فضائل المساكين أنهم أكثر أهل الجنة كما قال النبي صلّى الله عليه وسلم: "قُمت عَلَى باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين" (٢).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "تحاجت الجنة والنار، فقالت الجنة: لا يدخلني إلا الضعفاء والمساكين" (٣).

وسئل النبي صلّى الله عليه وسلم عن أهل الجنة، فَقَالَ: "كل ضعيف متضعف" (٤).


(١) أي أصحاب الثياب الفاخرة، يكني بذلك عن أهل الغنى والسعة.
(٢) قطعة من حديث أخرجه البخاري (٦٥٤٧)، ومسلم (٢٧٣٦) من حديث أسامة بن زيد.
(٣) أخرجه مسلم (٢٨٤٦/ ٣٤).
(٤) أخرجه البخاري (٤٩١٨) ومسلم (٢٨٥٣) عن حارثة بن وهب الخزاعي.