للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يُفْتَنُونَ (٢) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ} [العنكبوت: ٢، ٣]، ولكن الله يلطف بعباده المؤمنين في هذه الفتن، ويصبرهم عليها، ويثيبهم فيها، ولا يلقيهم في فتنة مضلة مهلكة تذهب بدينهم، بل تمر عليهم الفتن وهم فيها في عافية.

وأخرج ابن أبي الدنيا من حديث ابن عمر مرفوعًا: "إن لله ضنائن (١) من عباده يغذوهم في رحمته، ويحييهم في (عافية) (*)، ويتوفاهم إِلَى جنته، أولئك الذين تمر عليهم الفتن كقطع الليل المظلم، وهم (فيها) (**) في عافية" (٢).

والفتن الصغار التي يُبتلى بها المرء في أهله وماله وولده وجاره تكفِّرها الطاعات من الصلاة والصيام والصدقة كذا جاء في حديث حذيفة (٣).

ورُوي عنه أن سأل النبي صلّى الله عليه وسلم قال: إن في لساني ذربًا، وإن عامة ذلك عَلَى أهلي. فَقَالَ له: "أين أنت من الاستغفار"؟! (٤).

وأما الفتن المضلة التي يخشى منها فساد الدين فهي التي يُستعاذ منها، ويسأل الموت قبلها، فمن مات قبل وقوعه في شيء من هذه الفتن فقد حفظه الله


(١) أي: خصائص، واحدهم ضنينة من الضنِّ، وهو ما تختصه لنفسك (النهاية ٣/ ١٠٤)
(*) عافيته: "نسخة".
(**) عنها: "نسخة".
(٢) أخرجه الطبراني في الكبير (١٢/ ١٣٤٢٥) والأوسط (٦٣٦٩)، والعقيلي (٤/ ١٥٢) وأبو نعيم في الحلية (١/ ٦) عن ابن عمر، وفي إسناده مسلم بن عبد الله، قال العقيلي: "مجهول بالنقل وحديثه غير محفوظ" وقال: "والرواية في هذا الباب فيها لين".
وقال الذهبي في الميزان (٤/ ١٠٥): "لا يعرف، والخبر منكر".
وقال الهيثمي (١٠/ ٢٦٦): "وفيه مسلم بن عبد الله الحمصي، ولم أعرفه.
وقد جهله الذهبي، وبقية رجاله وثقوا" ا. هـ.
(٣) تقدم تخريجه.
(٤) أخرجه أحمد (٥/ ٣٩٤، ٣٩٦، ٣٩٧، ٤٠٢) والدارمي (٢/- ٣٠٢) والنسائي في عمل اليوم والليلة (٤٤٨ - ٤٥٣) وابن ماجه (٣٨١٧) عن حذيفة قال البوصيري في زوائده: "في إسناده أبو المغيرة البجلي مضطرب الحديث عن حذيفة، قاله الذهبي في الكاشف".