للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وسئل ذو النون: متى أَحَبّ ربي؟

قال: إذا كان ما يكرهه عندك أمرَّ من الصبر.

ثم بعد ذلك الاجتهاد في نوافل الطاعات، وتركُ دقائق المكروهات والمشتبهات.

ومن أعظم ما تحصل به محبة الله من النوافل: تلاوة القرآن، وخصوصًا مع التدبر، قال ابن مسعود: لا يسأل أحدكم عن نفسه إلا القرآن، فمن أَحَبّ القرآن فهو يحب الله ورسوله.

ولهذا قال النبي صلّى الله عليه وسلم لمن قال: إني أَحَبّ سورة (قل هو الله أحد) لأنها صفة الرحمن. فَقَالَ: "أخبروه أن الله يحبه" (١).

وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة خطب، فَقَالَ في خطبته: "إن أحسن الحديث كتاب الله، قد أفلح من زينه الله في قلبه، وأدخله في الإسلام بعد الكفر، واختاره عَلَى ما سواه من الأحاديث، إنه أحسن الحديث وأبلغه، أحبوا من أَحَبّ الله، أحبوا الله من كل قلوبكم" (٢).

وكان بعضهم يكثر تلاوة القرآن ثم فتر عن ذلك فرأى في المنام قائلاً يقول له:

إن كنت تزعم حبي ... فلم جفوت كتابي

أما تدبّرت ما فيـ ... ـه من لطيف عتابي

فاستيقظ وعاد إِلَى تلاوته.

ومن الأعمال التي توصل إِلَى محبة الله تعالى وهي من أعظم علامات المحبين: كثرة ذكر الله عز وجل بالقلب واللسان.


(١) أخرجه البخاري (٧٣٧٥)، ومسلم (٨١٣) عن عائشة.
(٢) أخرجه البيهقي في دلائل النبوة (٢/ ٥٢٤ - ٥٢٥) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن مرسلاً.