للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حصل له من خوف النار أحوال شتى، لغلبة حال شهادة قلوبهم للنار، فمنهم من كان يلازمه القلق والبكاء، وربما اضطرب أو غشي عليه إذا سمع ذكر النار.

وقد رُوي عن النبي صلّى الله عليه وسلم في ذلك شيء، إلا أن إسناده ضعيف، فروى حمزة الزيات عن حمران بن أعين، قال: سمع رسول الله صلّى الله عليه وسلم قارئًا يقرأ {إِنَّ لَدَيْنَا أَنْكَالًا وَجَحِيمًا (١٢) وَطَعَامًا ذَا غُصَّةٍ وَعَذَابًا أَلِيمًا} [المزمل: ١٢، ١٣]. فصعق رسول الله صلّى الله عليه واه وسلم. وفي رواية فبكى حتى غشي عليه - صلى الله عليه وسلم -. هذا مرسل وحمران ضعيف (*).

ورواه بعضهم عن حمران عن أبي حرب بن أبي الأسود مرسلاً أيضًا. وقيل: إنه رُوي عن حمران عن ابن عمر ولا يصح.

وعن عبد العزيز بن أبي رواد قال: لما أنزل الله عز وجل عَلَى نبيه - صلى الله عليه وسلم -: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ} [التحريم: ٦]، تلاها رسول الله صلّى الله عليه وسلم ذات يوم عَلَى أصحابه، فخر فتى مغشيًّا عليه، فوضع النبي صلّى الله عليه وسلم يده عَلَى فؤاده فَإِذَا هو يتحرك، فَقَالَ: رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا فتى قل: لا إله إلا الله" فقالها فبشره بالجنة، فَقَالَ أصحابه: يا رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمن بيننا؟ فَقَالَ: أو ما سمعتم قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدِ} [إبراهيم: ١٤].

وقد رُوي عن ابن أبي رواد عن عكرمة عن ابن عباس، وخرّجه من هذا الوجه الحاكم (١) وصححه. ولعل المرسل أشبه.

وقال الجوزجاني في "كتاب النواحين": حدثنا صاحب لنا عن جعفر بن سليمان عن لقمان الحنفي، قال: أتى رسول الله صلّى الله عليه وسلم عَلَى شاب ينادي في جوف الليل: واغوثاه من النار، فلما أصبح قال: "يا شاب لقد أبكيت


(*) في حاشية الأصل: "صوابه: ضعفوه".
(١) في "المستدرك" (٢/ ٣٥١).