وقال سليمان بن سحيم: أخبرني من رأى ابن عمر يصلي وهو يترجح ويتمايل ويتأوه، حتى لو رآه غيرنا ممن يجهله لقال: لقد أصيب الرجل، وذلك لذكر النار إذا مر بقوله تعالى:{وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ}[الفرقان: ١٣]. ونحو ذلك أخرجه أبو عبيد.
وفي "كتاب الزهد" (١) للإمام أحمد، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: قلت ليزيد بن مرثد: مالي أرى عينك لا تجف؟ قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى الله أن ينفعني به، قال: يا أخي إن الله توعدني إن أنا عصيته أن يسجنني في النار، والله لو لم يتوعدني أن يسجنني إلا في الحمام لكنت حريًّا أن لا تجف لي عين، قلت له؛ فهكذا أنت في خلواتك؟ قال: وما مسألتك عنه؟ قلت: عسى الله أن ينفعني به، قال: والله إن ذلك ليعرض لي حين أسكن إِلَى أهلي، فيحول بيني وبين ما أريد، وأنه ليوضع لي الطعام بين يدي، فيعرض لي، فيحول بيني وبين كله، حتى تبكي امرأتي، ويبكي صبياننا، ما يدرون ما أبكانا، ولربما أضجر ذلك امرأتي فتقول: يا ويحها، ما خصت من طول الحزن معك في الحياة الدُّنْيَا ما يقر لي معك عين.
وقال يزيد بن حوشب: ما رأيت أخوف من الحسن وعمر بن عبد العزيز كأن النار لم تخلق إلا لهما.
وروى ضمرة عن حفص بن عمر، قال: بكى الحسن، فقيل ما يبكيك؟ قال: أخاف أن يطرحني في النار غدًا ولا يبالي.
وعن الفرات بن سليمان، قال: كان الحسن يقول: إن المؤمنين قوم ذلت والله منهم الأسماع والأبصار والأبدان، حتى حسبهم الجاهل مرضى، وهم والله أصحاء القلوب، ألا تراه يقول:{الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ} [فاطر:
(١) أخرجه أبو نعيم في "الحلية" (٥/ ١٦٤) من طريق الإمام أحمد بن حنبل به ... فذكره.