للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومن طريق النضر بن سعيد، رفعه قَالَ: "ما اغرورقت عين عبد بمائها من خشية الله إلاَّ حرم جسدها عَلَى النار، فإن فاضت عَلَى خده لم يرهق وجهه فتر ولا ذلة، ولو أن عبدًا بكى في أمة من الأمم، لأنجي الله عز وجل ببكاء ذلك العبد تلك الأمة من النار، وما من عمل إلاَّ وله وزن أو ثواب إلاَّ الدمعة، فإنها تطفئ بحورًا من النار" (١).

وقد رُوي هذا المعنى أو بعضه موقوفًا من كلام الحسن وأبي عمران الجوني وخالد بن معدان وغيرهم.

وعن زاذان أبي عمر قَالَ: بلغنا أن من بكى خوفًا من النار أعاذه الله منها، ومن بكى شوقًا إِلَى الجنة أسكنه الله إياها.

وكان عبد الواحد بن زيد يقول: يا إخوتاه، ألا تبكون شوقًا إِلَى الله عز وجل؟

ألا إنه من بكى شوقًا إِلَى سيّده لم يحرمه النظر إِلَيْهِ، يا إخوتاه، ألا تبكون خوفًا من النار؟

ألا إنه من يبكي خوفًا من النار أعاذه الله منها.

وعن فرقد السبخي، قَالَ: قرأت في بعض الكتب أن الباكي عَلَى الجنة لتشفع له الجنة إِلَى ربها، فتقول: يا رب، أدخله الجنة كما يبكي علي، وإن النار تستجير له من ربها، فتقول: يا رب، أجره من النار كما استجارك مني، وبكى خوفًا من دخولي.

وفي حديث عبد الرحمن بن سمرة، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، أنّه قَالَ: "رأيت الليلة رؤيا" فذكر الحديث بطوله، وفيه قَالَ: رأيت رجلاً من أمتي عَلَى شفير جهنم، فجاءه وجله (٢) من الله، فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلاً من أمتي يهوي في النار،


(١) أخرجه ابن أبي الدُّنْيَا في "الرقة والبكاء" (٢٥) وهو مرسل.
(٢) قَالَ صاحب نوادر الأصول (٣/ ٢٤٢): الوجل هو في وقت انكشاف الغطاء لقلب المؤمن، وهو خشية العبد.