للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

{مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِبَادًا لِي مِنْ دُونِ اللَّهِ} [آل عمران: ٧٩] الآيتين (١).

وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لَا تُطرُونِي كَمَا أَطرَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيمَ، فَإِنَّمَا أَنَا عَبد، فقولُوا: عبدَ الله ورسُولهُ" (٢).

وكَانَ - صلى الله عليه وسلم - يُنكرُ عَلَى مَن لَا يتأدَّبُ معهُ في الخطاب بهذا الأدب، كما قال: "لَا تقُولُوا: مَا شَاءَ الله وَشَاءَ محمدٌ، بل قُولُوا: مَا شَاءَ الله ثُمَّ شَاءَ مُحَمَّدٌ" (٣).

وقال لمن قال: مَا شاءَ اللَّه وشئتَ: "أجعلتني لله ندًّا؟! بل ما شاءَ الله وَحْدَهُ" (٤).

فَمِن هُنا كانَ خُلفاءُ الرُّسلِ وَأَتباعُهم مِن أُمراءِ العَدلِ وقُضاتِهم لَا يدعونَ إِلَى تعظيمِ نفوسهم البتَّةَ؛ بل إِلَى تعظيمِ الله وحدَهُ وإفرادهِ بالعُبوديه والإلهيةِ، ومنهم من كانَ لا يُريدُ الولايةَ إلَّا للاستعانةِ بها عَلَى الدعوة إِلَى الله وحدهُ.

وكان بعضُ الصالحينَ يتولى القضاء ويقولُ: (أنا) (*) أتولاهُ لِأَستعينَ بهِ عَلَى الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنُكر.

ولهذا كانتِ الرسلُ وأتباعُهم يصبرونَ عَلَى الأذى في الدعوة إِلَى الله، ويتحملونَ في تنفيذ أوامر الله من الخلقِ غايةَ المشقةِ وهُم صابرونَ؛ بل رَاضُونَ


(١) آل عمران: ٧٩ - ٨٠.
(٢) أخرجه البخاري (٣٤٤٥) من حديث ابن عباس.
(٣) أخرجه أحمد (٥/ ٧٢، ٣٩٨)، وابن ماجه (٢١١٨) من حديث الطفيل بن سخبرة الأزدي. وأخرجه أحمد (٥/ ٣٨٤، ٣٩٤ و٣٩٨)، وأبو داود (٤٩٨٠) من حديث حذيفة.
(٤) أخرجه أحمد (١/ ٢١٤، ٢٨٣، ٣٤٧)، وابن ماجه (٢١١٧)، والنسائي في "الكبرى" (٦/ ٢٤٥) من حديث ابن عباس.
(*) من النسخة "ك" و"س" وفي النسخة "" إِنَّمَا، وفي الأصل "ألا".