وفي صحيح مسلم (١)، عن أنس، عن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، قَالَ:"يؤتى بأنعم أهل الدُّنْيَا من أهل النار، فيصبغ في النار صبغة، ثم يقال له: يا ابن آدم، هل رأيت خيرًا قط؟ هل مر بك نعيم قط؟!.
فيقول: لا والله يا رب!! ".
واعلم أن تفاوت أهل النار في العذاب، هو بحسب تفاوت أعمالهم، التي دخلوا بها النار، كما قَالَ تعالى:{وَلِكَلٍّ دَرَجَاتٌ ممَا عَمِلُوا}[الأنعام: ١٣٢].
وقال تعالى:{جَزَاءً وِفَاقًا}[النبأ: ٢٦] قَالَ ابن عباس: وفق أعمالهم، فليس عقاب من تغلظ كفره، وأفسد في الأرض، ودعا إِلَى الكفر، كمن ليس كذلك، قَالَ تعالى:{الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ}[النحل: ٨٨].
وقال تعالى:{وَيَوْمَ تَفوم السَّاعَة أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشدَّ الْعَذَابِ}[غافر: ٤٦]
وكذلك، تفاوت عذاب عصاة الموحدين في النار، بحسب أعمالهم.
فليس عقوية أهل الكبائر، كعقوبة أصحاب الصغائر، وقد يخفف عن بعضهم العذاب، بحسنات أخر له، أو بما شاء الله من الأسباب، ولهذا يموت بعضهم في النار، كما سيأتي ذكره فيما بعد، إن شاء الله تعالى.
وأما الكفار، إذا كان لهم حسنات في الدُّنْيَا، من العدل والإحسان إِلَى الخلق، فهل يخفف عنهم بذلك من العذاب في النار أو لا؟.
هذا فيه قولان للسلف وغيرهم:
أحدهما: أنه يخفف عنهم بذلك أيضًا.
روى ابن لهيعة، عن عطاء بن دينار، عن سعيد بن جبير، معنى هذا القول، واختاره ابن جرير الطبري وغيره.
وروى الأسود بن شيبان، عن أبي نوفل، قَالَ: قالت عائشة: يا رسول الله،