للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وكانَ أُويسٌ وغيرُه من الزُّهَّادِ إذا عُرفوا في مكَانٍ ارتحلُوا عنهُ.

وكان كثيرٌ منَ السلفِ يَكرهُ أن يُطلَبَ منهُ الدُّعاءُ، ويقولُ لمن يسألهُ الدُّعاء: أَمِنِّي أنا؟!

ومِمَّنْ رُويَ عنهُ ذلك عمرُ بنُ الخطابِ وحذيفةُ بن اليمان رضي الله عنهما، وكذلك مالكُ بنُ دينارٍ.

وكان النخعي يَكرهُ أن يُسألَ الدُّعاء.

وكتبَ رجلٌ إِلَى أحمدَ يسألُهُ الدعاءَ فَقَالَ أحمدُ: إذا دعونا نحنُ لهذا، فمن يدعُو لَنا؟!

وَوُصفَ بعضُ الصالحينَ واجتهادَهُ في العبادةِ لبعضِ الملُوكِ فَعزمَ عَلَى زيارتهِ، فبلغَهُ ذلكَ فجلسَ عَلَى قَارِعة الطريقِ يأكُلُ، فَوافَاهُ الملكُ وهُو عَلَى تِلكَ الحالةِ، فَسلَّمَ عليهِ، فَردَّ عليهِ السلامِ، وجعل يأكُلُ أكلًا كثيرًا ولا يَلتفتُ إِلَى الملكِ، فَقَالَ الملكُ: ما في هذا خيرٌ، ورَجعَ. فَقَالَ الرجلُ: الحمدُ لله الَّذِي رَدّ هذا عَنِّي وهو لائمٌ.

وهذا بابٌ واسعٌ جدًّا.

وها هنا نُكتةٌ دقيقة، وهي أن الإنسانَ قد يذُمُّ نفسهُ يين الناسِ يُريدُ بذلك أن يُرِي أَنه مُتواضعٌ عندَ نفسهِ، فيرتفعُ بذلكَ عندَهُم ويمدحُونَهُ بهِ، وهذا من دَقائقِ أبوابِ الرِّياءِ وقد نَبَّه عليهِ السلفُ الصالحُ.

قال مُطَرَّفُ بنُ عبدِ الله بن الشِّخِّير: كَفى بالنفس إِطراءً أَن تَذُمَّهَا عَلَى الملأ، كأنك تُريدُ بذمِّها زينتَهَا، وذلك عند الله سَفَهٌ.

***