للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عَلَى هذا المعنى، في قوله تعالى في شأن فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ} [هود: ٩٨].

وأما من عبد المسيح والعزير من أهل الكتاب، فإنهم يتخلفون مع أهل الملل المنتسبين إِلَى الأنبياء، ثم يردون النار بعد ذلك.

وقد ورد في حديث آخر: "أن من كان يعبد المسيح، يمثل له شيطان المسيح فيتبعونه، وكذلك من كان يعبد العزير".

وفي حديث الصور أنّه. "يمثل لهم ملك عَلَى صورة المسيح، وملك عَلَى صورة العزير، ولا يبقى بعد ذلك إلاَّ من كان لا يعبد غير الله وحده في الظاهر، سواء كان صادقًا ومنافقًا من هذه الأمة وغيرها، ثم يتميز المنافقون عَلَى المؤمنين بامتناعهم من السجود، وكذلك يمتازون عنهم بالنور الَّذِي يقسم للمؤمنين".

وقد اختلف السَّلف، هل يقسم للمنافق نور مع المؤمنين ثم يطفأ، أو لا يقسم له نور بالكلية، عَلَى قولين:

فَقَالَ أحدهما: إنه لا يقسم له نور بالكلية.

قَالَ صفوان بن عمرو: حدثني سليم بن عامر، سمع أبا أمامة يقول: يغشى الناس ظلمة شديدة -يعني يوم القيامة- ثم يقسم النور، فيعطى المؤمن نورًا، ويترك الكافر والمنافق، فلا يعطيان شيئًا، وهو المثل الَّذِي ضربه الله في كتابه قَالَ تعالى: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ يَغْشَاهُ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحَابٌ ظُلُمَاتٌ بَعْضُهَا فَوْقَ بَعْضٍ إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ لَهُ نُورًا فَمَا لَهُ مِنْ نُورٍ} [النور: ٤٠] فلا يستضيء الكافر والمنافق بنور المؤمن، كما لا يستضيء الأعمى ببصر البصير، و {يَوْمَ يَقُولُ الْمُنَافِقُونَ وَالْمُنَافِقَاتُ لِلَّذِينَ آمَنُوا انْظُرُونَا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ قِيلَ ارْجِعُوا وَرَاءَكُمْ فَالْتَمِسُوا نُورًا} [الحديد: ١٣]. قَالَ: وهي خدعة الله التي خدع بها المنافقين، قَالَ عز وجل: {يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} فيرجعون إِلَى المواضع التي قسم فيها النور، فلا يجدون شيئًا، فينصرفون إليهم {فَضُرِبَ بَيْنَهُمْ بِسُورٍ لَهُ بَابٌ بَاطِنُهُ فِيهِ الرَّحْمَةُ وَظَاهِرُهُ مِنْ قِبَلِهِ الْعَذَابُ} إِلَى قوله: {وَبِئْسَ الْمَصِيرُ}