للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

جهنم، ثم ينادي مناد: أين أحمد وأمته؟

فيقوم، فتتبعه أمته برها وفاجرها، قَالَ: فيأخذون الجسر فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها من شمال ويمين وينجو النبيّ صلّى الله عليه وسلم والصالحون معه، ثم ينادي مناد: أين عيسى وأمته؟

فيقوم، ويتبعه أمته برها وفاجرها، فيأخذون الجسر، فيطمس الله أبصار أعدائه، فيتهافتون فيها من شمال ويمين، وينجو النبيّ صلّى الله عليه وسلم والصالحون معه، ويتبعهم الأنبياء والأمم، حتى يكون آخرهم نوح، رحم الله نوح". خرّجه ابن خزيمة وغيره (١).

وقد تبين بما ذكرنا في هذا الباب، من حديث ابن مسعود وأنس وغيرهما أن اقتسام المؤمنين الأنوار، عَلَى حسب إيمانهم وأعمالهم الصالحة، وكذلك مشيهم عَلَى الصراط في السرعة والإبطاء. وهذا أيضاً مذكور في حديث حذيفة وأبي هريرة وغيرهما.

وروى أبو الزعراء، عن ابن مسعود، قَالَ: يأمر الله بالصراط، فيضرب عَلَى جهنم، فيمر الناس عَلَى قدر أعمالهم زمرًا زمرًا، أوائلهم كلمح البرق، ثم كمر الريح، ثم كمر الطير، ثم كمر البهائم، حتى يمر الرجل سعيًا، وحتى يمر الرجل مشيًا، وحتى يجيء آخرهم يتلبط عَلَى بطنه، فيقول: يا رب لم أبطأت بي؟ فيقول: "إني لم أبطئ بك، إِنَّمَا أبطأ بك عملك" (٢).

وذلك لأنّ الإيمان والعمل الصالح في الدُّنْيَا هو الصراط المستقيم في الدُّنْيَا [الَّذِي أمر الله العباد بسلوكه والاستقامة عليه، وأمرهم بسؤال الهداية إِلَيْهِ، فمن استقام سيره عَلَى هذا المستقيم في الدُّنْيَا] (*) ظاهرًا وباطنًا، استقام مشيه عَلَى ذلك الصراط المنصوب عَلَى متن جهنم، و [من] (*) لم يستقم سيره عَلَى هذا الصراط المستقيم في الدُّنْيَا بل انحرف عنه إما إِلَى فتنة الشبهات أو إِلَى فتنة


(١) وأخرجه البيهقي في "الشعب" (٣٦٦).
(٢) أخرجه محمد بن نصر المروزي في تعظيم "قدر الصلاة" (٢٨٢)، والحاكم في "المستدرك" (٤/ ٦٤١) وقال: هذا حديث صحيح عَلَى شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
(*) من المطبوع.