للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] فَقَالَ النبيّ صلّى الله عليه وسلم: قد قَالَ الله عز وجل: {ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيًّا} [مريم: ٧٢].

ورواه الأعمش، عن أبي سفيان، عن جابر، عن أم مبشر بنحوه (١). وفي بعض روايات الأعمش: فَقَالَ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "يردونها، ثم يصدرون عنها بالأعمال".

وقالت طائفة: الورود هو الدخول، وهذا هو المعروف عن ابن عباس (٢): رُوي عنه من غير وجه، وكان يستدل لذلك بقوله تعالى في فرعون: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ} [هود: ٩٨].

وبقوله: {وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلَى جَهَنَّمَ وِرْدًا} [مريم: ٨٦].

وكذلك قوله تعالى: {لَوْ كَانَ هَؤُلَاءِ آلِهَةً مَا وَرَدُوهَا} [الأنبياء: ٩٩].

وقد سبق عن عبد الله بن رواحة نحو هذا، إلاَّ أن الروايات عنه منقطعة.

وروى مسلم الأعور عن مجاهد "وإن منكم إلاَّ واردها" قَالَ: داخلها.

وسئل كعب عن الورود المذكور فى الآية، فَقَالَ: تمسك النار عن الناس، كأنها متن إهالة، حتى تسوى عليها أقدام الخلق كلهم برهم وفاجرهم، ثم يقول لها الرب عز وجل: خذي أصحابك ودعي أصحابي، فتخسف بكل ولي لها، وينجي الله المؤمنين ندية ثيابهم. قَالَ كعب: ألم تر إِلَى القدر الكثيرة الودك إذا بردت استوت بيضاء كالشحم؟

فإذا أوقدن النار تحتها انخسف الودك في القدر من هاهنا وهاهنا (٣).


(١) أخرجه أحمد (٦/ ٣٦٢) من هذا الطريق قالت أم مبشر -امرأة زيد بن حارثة- كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بيت حفصة فَقَالَ: "لا يدخل النار أحد شهد بدر أو الحديبية". قالت حفصة: أليس الله عز رجل يقول: {وِإن مِّنكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا} [مريم: ٧١] قالت: قَالَ رسول الله صلّى الله عليه وسلم: "فمه، ثم ننجي الذين اتقوا".
(٢) أخرجه الطبري (١٦/ ١١٠) من طريق مجاهد عنه.
(٣) أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفة" (٧/ ٥٥) برقم (٣٤١٧٢)، وأبو نعيم في "الحلية" (٥/ ٣٦٨)، والبيهقي في "الشعب" (٣٧٢) مع اختلاف في بعض الألفاظ.