للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وروى عثمان بن أبي العاتكة، عن أبي جعفر الحنفي، عن أبي هريرة، عن النبيّ -صلى الله عليه وسلم-، قَالَ: "ألا أنبئكم بأهل النار"؟ قالوا: بلى، قَالَ: كل سمين ليس طيب الريح".

وروى سليم بن عامر، عن فرات البهراني، عن أبي عامر الأشعري، أن رجلاً سأل رسول الله صلّى الله عليه وسلم أهل النار؟ فَقَالَ: "لقد سألت عن عظيم، كل شديد قعبري" فَقَالَ: وما القعبري يا رسول الله؟ قَالَ: "الشديد عَلَى العشيرة، الشديد عَلَى الأهل، الشديد عَلَى الصاحب، قَالَ: فمن أهل الجنة يا رسول الله؟ فَقَالَ: "سبحان الله! لقد سألت عن عظيم، كل ضعيف مزهد" (١).

وفي المعنى أحاديث أخر.

وفي صحيح مسلم (٢) عن عياض بن حمار، أن النبيّ صلّى الله عليه وسلم، قَالَ في خطبته: "وأهل الجنة ثلاثة: ذو سلطان مقسط متصدق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربى، ومسلم عفيف متعفف ذو عيال، وأهل النار خمسة: الضعيف الَّذِي لا زَبْرَ له (٣) الذين هم فيكم تبع لا يغون أهلاً ولا مالاً، والخائن الَّذِي لا يخفى له طمع وإن دق إلاَّ خانه، ورجل لا يصبح ولا يمسي إلاَّ وهو يخادعك عن أهلك ومالك" وذكر البخل والكذب والشنظير الفاحش.

وفي هذا الحديث جعل النبيّ صلّى الله عليه وسلم أهل الجنة ثلاثة أصناف:

أحدها: ذو السلطان المقسط المتصدق، وهو من كان له سلطان عَلَى الناس فسار في سلطانه بالعدل، ثم ارتقى إِلَى درجة الفضل.

والثاني: الرحيم الرقيق القلب الَّذِي لا يخص برحمته قرابته، بل يرحم


(١) أخرجه البخاري في "التاريخ الكبير" (٧/ ١٢٨)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (٢٨٠٢).
(٢) برقم (٢٨٦٥).
(٣) أي: لا عقل له يزبره ويمنعه مما لا ينبغي. وقيل: هو الَّذِي لا مال له. وقيل: الَّذِي ليس عنده ما يعتمده. "نووي".