المسلمين [عموماً](*) فهذان القسمان أهل الفضل والإحسان.
والثالث: العفيف المتعفف ذو العيال.
وهو من يحتاج إِلَى ما عند الناس وهو يتعفف عنهم، وهذا أحد نوعي الجود، أعني العفة عما في أيدي الناس، لا سيما مع الحاجة.
وقد وصف الله في كتابه أهل الجنة ببذل الندى وكف الأذى، ولو كان الأذى بحق فَقَالَ: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٤].
فهذا حال معاملتهم للخلق ثم وصف قيامهم بحق الحق فَقَالَ:{وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} إِلَى آخر الآيتين [آل عمران: ١٣٥ - ١٣٦].
فوصفهم الله عند الذنوب بالاستغفار، وعدم الإصرار وهو حقيقة التوبة النصوح. وقريب من هذه الآية قوله تعالى: {فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ (١١) وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ (١٢) فَكُّ رَقَبَةٍ (١٣) أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ (١٤) يَتِيمًا ذَا مَقْرَبَةٍ (١٥) أَوْ مِسْكِينًا ذَا مَتْرَبَةٍ (١٦) ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ (١٧) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ} [البلد: ١١ - ١٨].
والعقبة قد فسرها ابن عباس بالنار، وفسرها ابن عمر بعقبة في النار كما تقدم، فأخبر سبحانه أن اقتحامها، وهو قطعها ومجاوزتها، يحصل بالإحسان إِلَى الخلق، إما بعتق الرقبة، وإما بالإطعام في المجاعة، والمُطْعَمُ إما يتيم من ذوي القربى أو مسكين قد لصق بالتراب فلم يبق له شيء، ولا بد مع الإحسان أن يكون من أهل الإيمان، والآمر لغيره بالعدل والإحسان، وهو التواصي بالصبر والتواصي بالمرحمة، وأخبر سبحانه أن هذه الأوصاف أوصاف أهل الميمنة.
وأما أهل النار، فقد قسمهم النبيّ صلّى الله عليه وسلم خمسة أصناف: