للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الصنف الأول: الضعيف الَّذِي لا زبر له:

ويعني بالزبر القوة والحرص عَلَى ما ينتفع به في الآخرة من التقوى والعمل الصالح. وخرج العقيلي (١) من حديث أبي هريرة مرفوعًا "إن الله يبغض المؤمن الَّذِي لا زبر له". قَالَ بعض رواة الحديث: يعني الشدة في الحق.

ولما حدث مطرف بن عبد الله بحديث عياض بن حمار هذا وبلغ إِلَى قوله: "الضعيف الَّذِي لا زبر له" فقِيلَ لَهُ: أو يكون هذا؟ قَالَ: نعم، والله لقد أدركتهم في الجاهلية، وإن الرجل ليرعى عَلَى الحي [ماله] (*) إلاَّ وليدتهم يطؤها.

وقال ابن شوذب: يقال: إن عامة أهل النار كل ضعيف لا زبر له، الذين هم من اليوم تبع لا يبغون أهلاً ولا مالاً، خرّجه عبد الله بن الإمام أحمد في الزهد.

وهذا القسم شر أقسام الناس، ونفوسهم ساقطة، لأنّه ليس لهم همم في طلب الدُّنْيَا ولا الآخرة، وإنما همة أحدهم شهوة بطنه وفرجه كيف اتفق له، وهو تبع للناس خادم لهم أو طواف عليهم سائل لهم.

الصنف الثاني: الخائن الَّذِي لا يخفى له طمع وإن دق إلاَّ خانه:

يعني لا يقدر عَلَى خيانة ولو كانت حقيرة يسيرة إلاَّ بادر إليها واغتنمها، ويدخل في ذلك التطفيف في المكيال والميزان لحقر التافه، وكذلك الخيانة في الأمانات القليلة كالودائع وأموال اليتامى وغير ذلك وهي من خصال النفاق، وربما يدخل في الخيانة من خان الله ورسوله في ارتكاب المحارم سرًّا مع إظهار اجتنابها.

قَالَ كثير من السَّلف: كنا نحدث أن صاحب النار من لا تمنعه خشية الله من


(١) في "الضعفاء الكبير" (٤/ ٢٤٦) وقال العقيلي عن مسمع بن محمد الأشعري: لا يتابع عليه بهذا الإسناد، ولا أحفظ هذا اللفظ إلاَّ في حديث عياض بن حمار المجاشعي قَالَ النبيّ صلّى الله عليه وسلم: "أهل النار خمسة: الضعيف الَّذِي لا زبر له". ونقل ابن حجر في اللسان (٧/ ٩٦ - طبعة الفاروق الحديثة) عن العقيلي أنّه قَالَ عن مسمع: لا يتابع فيه، ولا يعرف بالنقل.
(*) في الأصل: مابه، وما نقلته من المطبوع.