للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الناس عيشًا؟ فَقَالَ: أجسام في التراب قد أمنت العذاب، فانتظرت الثواب.

فهذا في البرزخ في عيش طيب.

رئي معروف في المنام بعد موته، وهو يُنشد:

موت التقي حياة لا نفاد لها ... قد مات قومٌ وهم في الناس أحياء

وكان إبراهيم بن أدهم يُنشد:

ما أحد أنعم من مُفرد ... في قبره أعماله تؤنسُه

منعَّم الجسم وفي روضة ... زيَّنها الله (في) (*) مجلسه

رئي بعضُ الصالحين في المنام بعد موته، فَقَالَ: نحن بحمد الله في برزخ محمود، نفترشُ فيه الريحان ونتوسد فيه السندس والإستبرق إِلَى يوم النشور.

رئي بعضُ الموتى في المنام فسئل عن حال الفُضيل بن عياض، فَقَالَ: كُسي حلَّة لا تقوم لها الدُّنْيَا بحواشيها.

فأمَّا عيشُ المتقين في الجنة فلا يحتاج أنْ يُسأل عن طيبه ولذته، ويكفى في ذلك قوله تعالى: {فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ} (١) الآيات، ومعنى راضية أي: عيشةٌ يحصل بها الرضى. وفسَّر ابنُ عباس قوله: هنيئًا بأنه لا موت فيها، يُشير إِلَى أنَّه لم يهنهم العيش إلَّا بعد الموت والخلود فيها.

قال يزيدُ الرقاشي: أمن أهلُ الجنة الموت فطاب لهم العيش، وأمنوا من الأسقام فهنيئًا لهم في جوار اللَّه طول المقام.

وقال تعالى: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} (٢)، {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ} إِلَى آخرها (٣) «أَدْنَى أَهْلِ الْجَنَّةِ مَنْزِلَةً مَنْ يَنْظُرُ فِي مُلْكِهِ وَسُرُرِهِ وَقُصُورِهِ


(*) فهي: "نسخة".
(١) الحاقة: ٢١ - ٢٤.
(٢) الذاريات: ١٥.
(٣) القمر: ٥٤ - ٥٥.