للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

في ذنب له، ووفقه لأسباب يمحوه عنه: إمَّا بالتوبة النصوح، وفي ابن ماجه (١) عن ابن مسعود مرفوعًا: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له".

وإمّا بحسنات ماحية {إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ} (٢) وإمَّا أن يُتلى بمصائب مكفّرة؛ فمن وُرد اللَّه به خيرًا يُصب منه. ولا تزال البلايا بالمؤمن حتى يمشي عَلَى الأرض وليس عليه خطيئة.

وإمَّا أنْ يُغفر له بشفاعة بإذن الله لمن يأذن فيها، وإما أن يغفر لمجرّد فضله ورحمته من غير سبب آخر، فحينئذ يكون هذا الذنب مغفورًا.

قال بعضُهم: إذا أحبَّ اللهُ عبدًا لم يضره ذنب، ومرادُه أنه يمحوه عنه، وربما يجعل الذنب في حقه سببًا لشدة خوفه من ربَّ وذله وانكساره له، فيكون سببًا لرفع درجة ذلك العبد عنده.

وإذا خذل عبدًا وقضى عليه بذنبٍ لم يوفِّقه لشيء من ذلك، فلقي الله بذنبه من غير سبب يمحوه عنه في الدُّنْيَا، ثم يؤاخذه عليه في الآخرة ولا يغفره، فهذا هو الذنب المُستعاذ منه ها هنا.

وحاصلُ الأمر: أنَّ مَن عامله الله في ذنوبه بالعدل هلك، ومن عامله بالفضل نجا؛ كما قال يحى بن مُعاذ: إذا وضع عدله عَلَى (عبد) (*) لم ييق له حسنة، وإذا بسط فضله عَلَى عبد لم يبق له سيئة.

يا ويلنا من موقف ما به ... أخوف من أنْ يعدل الحاكم

يا رب عفوا منك عن مذنب ... أسرف إلا أنّه نادم

قولُه - صلى الله عليه وسلم -: "اللهُمَّ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ، عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، ذَا الجَلاَلِ وَالإِكْرَامِ؛ فِإِنِّي أَعْهَدُ إِلَيْكَ فِي هَذِهِ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَأُشْهِدُكَ وَكَفَى بِكَ شَهِيْدًا، أَنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ وَحْدَكَ لَا شَرِيكَ لَكَ، لَكَ المُلْكُ وَلَكَ


(١) برقم (٤٢٥٠).
(٢) هود: ١١٤.
(*) عبده: "نسخة".