للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فالضيعةُ: هي الضياع. فمن وكل إِلَى نفسه ضاع؛ لأنّ النفس ضيعة؛ فإنًها لا تدعو إِلَى الرُّشد، وإنَّما تدعو إِلَى الغي.

والعورة: هي ما ينبغي سترُه لقبحه ودناءته، فكذلك النفس لقُبح أوصافها وسوء أخلاقها الذميمة.

والذنبُ والخطيئة معناهما مُتقارب أو متحد، وقد يراد بأحدهما الصغائر وبالآخر الكبائر.

وقد وصف الله سبحانه وتعالى النفسَ بأنها أمَّارة بالسوء، فَقَالَ تعالى: {إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي} (١) فمن رحمه اللَّه عصمه (من) (*) السوء الَّذِي تأمر به النفس.

وفي حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنَّ النبي - صلى الله عليه وسلم - علَّمه أنْ يقول في كل صباح ومساء وعند نومه: "أعوذ بك من شر نفسي" (٢).

وأمّا من وكله إِلَى نفسه ولم يرحه؛ فإنَّه يُجيب داعي نفسه الأمارة بالسوء، فيفعل كل سوء تأمره به نفسُه.

وفي "المسند" والترمذي (٣) مرفوعًا: " «الكَيِّسُ مَنْ دَانَ نَفْسَهُ وَعَمِلَ لِمَا بَعْدَ المَوْتِ، وَالعَاجِزُ مَنْ أَتْبَعَ نَفْسَهُ هَوَاهَا وَتَمَنَّى عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ».

فقسَّم الناسَ إِلَى قسمين: كيّس، وعاجز. فالكيّسُ: هو اللَّبيب الحازمُ العاقل، الَّذِي ينظر في عواقب الأمور، فهذا يقهر نفسَه ويستعملُها فيما يعلم أنَّه ينفعها بعد موتها، وإن كانت كارهةٌ لذلك.

والعاجز هو الأحمقُ الجاهل، الَّذِي لا يفكر في العواقب؛ بل يتابع نفسه عَلَى ما


(١) يوسف: ٥٣.
(*) عن: "نسخة".
(٢) أخرجه أحمد (١/ ٩، ١٠، ٢٩٧)، وأبو داود (٥٠٦٧)، والترمذي (٣٣٩٢)، والنسائي في "الكبرى" برقم (١/ ٧٦٩١، ٧٧١٥/ ١) (٩٨٣٩/ ٨) من حديث أبي هريرة.
وأخرجه أحمد (١/ ١٤) من حديث أبي بكر.
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ١٢٤)، والترمذى (٢٤٥٩).