للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وهذا معنى الحديث الَّذِي رُوي مرفوعًا: " «لَيْسَ عَدُوُّكَ الَّذِي إِذَا قَتَلْتَهُ كَانَ لَكَ نُورًا يَومَ القِيامةِ، وَإِنْ قَتَلَكَ دَخَلْتَ الْجَنَّةَ. أَعْدَى عَدُوِّكَ نَفْسُكَ الَّتِي بَيْنَ جَنْبَيْكَ» (١).

فلهذا، كان من أهم الأمور سؤال العبد ربَّه أنْ لا يكله إِلَى نفسه طرفة عين.

يا رب هئ لنا من أمرنا رشدا ... واجعل معونتك الحُسنى لنا مددا

ولا تكلنا إِلَى تدبير أنفسنا ... فالعبد يعجز عن إصلاح ها فسدا

وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "فَاغْفِرْ لِي ذُنُوبِي إِنَّهُ لَا يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا أَنْتَ، وَتُبْ عَلَيَّ، إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ".

ختم الدعاء بسؤال مغفرة الذنوب والتوبة؛ قال بعض السلف: الدُّنْيَا إما عصمة الله أو الهلكة، والآخرة إمَّا عفو الله أو النار.

فمن حصل له في الدُّنْيَا التوبة، وفي الآخرة المغفرة: فقد ظفر بسعادة الدُّنْيَا والآخرة. وقد تكرر في الكتاب والسنة ذكر الأمر بالتوبة والاستغفار؛ قال الله تعالى: {أَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ} (٢) الآية، وقال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ} (٣) الآية.

وأخبر عن هود عليه السلام، وصالح وشعيب عليهم السلام. أنَّهم أمروا أممهم بالاستغفار والتوبة، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ} (٤) الآيتان.

وتركُ الإصرار هو التوبة.


(١) أخرجه الطبراني في "الكبير" (٣/ ٢٩٤) برقم (٣٤٤٥)، وفي "مسند الشاميين" برقم (١٦٦٨) من حديث أبي مالك الأشعري. وقال الهيثمي في "المجمع" (١٠/ ٢٤٥): وفيه محمد بن إسماعيل ابن عياش وهو ضعيف.
(٢) المائدة: ٧٤.
(٣) هود:٣.
(٤) آل عمران: ١٣٥ - ١٣٦.