للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الدار، فوضع رأسه عَلَى عتبته فنام، فلما استيقظ جعل يبكى، ويقول: يا أمَّاه، مَن يفتح لي الباب إذا أغلقت عني بابك، ومن يُدنيني من نفسه إذا طردتيني، ومَن ذا الَّذِي يئويني بعد أنْ غضبت عليَّ؟ فَرَحمَتْهُ أمُه، فقامت فنظرت من خلل الباب فوجدت ولدها تجري الدموع عَلَى خده متمعِّكًا (١) في التراب.

ففتحت البابَ وأخذته حتى وضعته في حِجرها، وجعلت تُقبله وتقول: يا قُرَّة عيني وعزيز نفسي، أنت الَّذِي حملتني عَلَى نفسك، وأنت الَّذِي تعرَّضت لما حلَّ بك، لو كنت أطعتني لم (تلق) (*) منى مكروهًا.

فتواجد (٢) الرجلُ، ثم قام وصاح، وقال: قد وجدتُ قلبي، قد وجدتُ قلبي.

هكذا ينبغي أن يكون حالُ العبدُ مع ربه.

إذا هجروا عزًّا وصلنا تذلُّلًا ... وإنْ بعدوا يأسًا قرُبنا تعللا

وإنْ غلَّقوا بالهجر أبواب وصلهم ... وقالوا ابعدوا عنا طلبنا التوصلا

وقفنا عَلَى أبوابهم نطلب الرِّضى ... عَلَى التُرب عفَّرنا الحدود تذللا

أشرنا بتسليم وإنْ بعُد المدى ... إليهم وكلَّفنا الرياح التحملا

(آخره والحمد لله رب العالمين حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وكما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله وصلى اللَّه عَلَى محمد وآله وصحبه وسلم) (**).

...


(١) متمعك: أي تقلب وتمرغ في التراب. "لسان العرب" مادة: (معك).
(*) يكن: "نسخة".
(٢) فتواجد أي حزن "لسان" مادة: (وجد).
(**) تم هذا الحديث وشرحه، والحمد لله وحده وصل اللهم عَلَى سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم: