للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

الحمد للَّه رب العالين والصلاة والسلام عَلَى محمد وآله وصحبه أجمعين.

وبعد فقد خرَّج الإمام أحمد والنسائى (١) من حديث عمار بن ياسر رضي اللَّه عنه «أَنَّ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - كَانَ يَدْعُو بِهَؤُلاَءِ الدَّعَوَاتِ: اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنِي مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لِي، وَتَوَفَّنِي إِذَا كَانَتْ الْوَفَاةَ خَيْرًا لِي، اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ، وَكَلِمَةَ الْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا، وَأَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَى، وَأَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَنْفَدُ، وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ، وَأَسْأَلُكَ الرِّضَاءَ بَعْدَ الْقَضَاءِ، وَبَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ، وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ، اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بِزِينَةِ الْإِيمَانِ وَاجْعَلْنَا هُدَاةً مُهْتَدِينَ».

اعلم أن الحاجات التي يطلبها العبد من اللَّه عز وجل نوعان:

أحدهما: ما علم أنه خير محض كسؤاله خشيته من اللَّه تعالى وطاعته وتقواه، وسؤاله الجنة، والاستعاذة به من النار، فهذا يطلب من اللَّه تعالى بغير تردد، ولا تعليق بالعلم بالمصلحة؛ لأنّه خير محض، ومصلحة خالصة؛ فلا وجه لتعليقه بشرط وهو معلوم الحصول، وكذلك لا يعلق لمشيئة اللَّه عز وجل؛ لأنّ اللَّه يفعل ما يشاء ولا مُكْرِهَ له فلا فائدة في تعليقه بمشيئة؛ ولكن ليعزم المسألة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِي إِنْ شِئْتَ، وَلَكِنْ لِيَعْزِمْ المَسْأَلَة، فَإِنَّ اللهَ لاَ مُسْتَكْرِهَ لَهُ"، خرّجاه من حديث أنس وأبي هريرة بمعناه (٢).


(١) أخرجه النسائي (١٣٠٥).
(٢) أخرجه البخاري (٦٣٣٨)، ومسلم (٢٦٧٨) من حديث أنس، والبخاري (٦٣٣٩، ٧٤٧٧)،
ومسلم (٢٦٧٩) من حديث أبي هريرة.