للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لو قطعني الغرام إربًا إربا ... ما ازددت لكم عَلَى الملام إلا حبًّا

لا زلت بكم أسير وَجْدُ صبا ... حتى أُقْضَى عَلَى هواكم نحبا

كان بعض العارفين يطوف بالبيت فهجم القرامطة عَلَى الناس فقتلوهم بالسيوف، وهو يطوف، فأخذته السيوف، فلم يقطع طوافه حتى سقط فتمثل:

ترى المحبين صرعى في ديارهم ... كفتية الكهف لا يدرون كم لبثوا

قتل لرجل من الصالحين ابنان في الجهاد، فجاء الناس يعزونه بهما، فبكى وقال: والله ما أبكي عَلَى قتلهما، ولكن أبكي كيف كان رضاهما عن اللَّه عز وجل حين أخذتهما السيوف.

إِن كَانَ سكان الغضا ... رَضوا بقتلي فرضا

وَالله مَا كنت لما ... يهوي الحبيب مبغضا

صرت لَهُم عبدا وَمَا ... للْعَبد أَن يعترضا

من لمريض لَا يرى ... إِلَّا الطَّبِيب الممرضا

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وبرد العيش بعد الموت".

هذا يدل عَلَى أن العيش وطيبه وبرده، إِنَّمَا هو بعد الموت، فإن العيش قبل الموت منغص، ولو لم يكن له منغص غير الموت لكفى، كما قال بعضهم: إِنَّ عيشًا يكون آخره الموت لعيش معجل التغنيص، فكيف ومع ذلك له منغصات كثيرة من الهموم والأسقام والأمراض والهرم، ومفارقة الأحباب، وآخر الدُّنْيَا كلها الموت.

قال بعض السلف: كيف يلذ العيش من يعلم أنه يموت.

وقال بعضهم: ثنتان قطعتا عني لذات الدُّنْيَا: ذكر الموت المنغص، والوقوف بين يدي الله عز وجل.