للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثم ترميك من المأمن بالخطب الجليل ... إِنَّمَا العيش جوار الله في ظل ظليل

حيث لا تسمع من يؤذيك ... من قال وقيل

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "وَأَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرَ فِي وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ":

هذان الأمران هما سعادة الدُّنْيَا والآخرة، وأعظم لذاتها وأعلى ما يحصل للمؤمن فيهما، فإن أعلى ما في الآخرة النظر إِلَى وجه الله عز وجل، وهو أعظم من الجنة وكل ما فيها.

وفي "الصحيح" عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا دَخَلَ أَهْلُ الجَنَّةِ الجَنَّةَ، نَادَى مُنَادٍ: إِنَّ لَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ مَوْعِدًا يُرِيدُ أَنْ يُنْجِزَكُمُوهُ".

فيَقُولُونَ: أَلَمْ تُبَيِّضْ وُجُوهَنَا، أَلَمْ تُثَقَّلَ مَوَازِينَنَا، وَتُدْخِلَنَا الجَنَّةَ

وَتُزَحْزِحُنَا عَنِ النَّارِ؛ فَيُكْشَفُ الحِجَاب، فينظرون إِلَيْهِ، فَوَاللَّهِ مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ شَيْئًا أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِنَ النّظر إِلَيْهِ" (١).

وفي رواية: "ولا أقر لأعينهم من النظر إِلَيْهِ، وهو الزيادة، ثم تلا: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ} (٢) ".

وفي "مسند البزار" (٣) من حديث "حذيفة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "أَنَّه يُكشَفُ الحِجَابُ، وَيَتَجَلَّى لَهُمْ فَيَغْشَاهُمْ مِنْ نُورِهِ لَوْلَا قَضَى عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يَحْتَرِقُوا لَاحْتَرَقُوا مِنْ نُورِهِ، مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ، فَإِذَا رَجَعُوا إِلَى مَنَازِلِهِمْ خَفَوْا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ مِمَّا غَشِيَهُمْ مِنْ نُورِهِ حَتَّى يَعُودُوا إِلَى صُوَرِهِمُ التِي كَانُوا عَلَيهَا".

قال الحسن: إِنَّ الله يتجلى لأهل الجنة، فَإِذَا رآه أهل الجنة نسوا نعيم الجنة.


(١) أخرجه مسلم (١٨١).
(٢) يونس: ٢٦.
(٣) أخرجه البزار كما في "كشف الأستار" رقم (٣٥١٨) من حديث حذيفة.