للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الأَخْشَبَيْنِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: بَلْ أَرْجُو أَنْ اللَّهَ يُخْرِجُ مِنْ أَصْلاَبِهِمْ مَنْ يَعْبُدُه لاَ يُشْرِكُ بِهِ شَيْئًا".

ما مقصود النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا أن يعبد الله وحده لا شريك له، وما يبالي -إذا حصل ذلك- ما أصابه في الدعوة، إذا وُحِّدَ مَغْبُودُهُ حصلَ مقصودهُ، إذا عُبدَ محبوبُه حصل مطلوبه، إذا ذكر ربَّه رضي قلبُه، وأما جسمه فلا يبالي ما أصابه في سبيل الله ما يؤلمه، أو ما يلائمه.

إن كان سَرَّكم ما قد بليت به ... فما لجرح إذا أرضاكم ألم

وحَشبُ سلطان الهوى أنه ... يألف فيه كل ما يؤلم

وكان كلما آذاه الأعداء إذا دعاهم إِلَى مولاهم رجع إِلَى مولاه، فتسلى بعلمه ونظره إِلَيْهِ وقربه منه، واشتغل بمناجاته، وذكره ودعائه وخدمته، فنسي كل ما أصابه من الألم من أجله، وقد أمره الله بذلك في القرآن في مواضع كثيرة نحو قوله تعالى: {فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ} (١)، وقوله: {وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ الْغُرُوبِ} (٢) وقوله: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ} (٣).

وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا حزبه أمر قام إِلَى الصلاة؛ لأنّ الصلاة صلة، وكان يقول: «جُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ» (٤).

سروري من الدهر لقياكم ... ودار سلامي مغناكم

وأنتم منتهى أملي ما حَيِيتُ ... وما طاب عيشي لولاكم


(١) الطور: ٤٩.
(٢) ق: ٣٩.
(٣) الحجر: ٩٧ - ٩٩.
(٤) أخرجه أحمد (٣/ ١٢٨، ٨٥، ١٩٩)، والنسائي (٧/ ٦١) من حديث أنس.