للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إذا [ازدادت] (١) في فؤادي الهموم ... أروح قلبي بذكراكم

وأستنشق الريحَ في أرضكم ... لعلي أحظى برؤياكم

فلا تنسوا العهد فيما مضى ... فلسنا مدى الدهر ننساكم

فلم يزل - صلى الله عليه وسلم - يدعو إِلَى الله وإلى توحيده وعبادته وحده لا شريك له حتى ظهر دين الله وعلا ذكره وتوحيده في المشارق والمغارب، وصارت كلمة الله هي العليا، ودينه هو الظاهر، وتوحيده هو الشائع، وصار الدين كله لله، والطاعة كلها له، ودخل الناس في دين الله أفواجًا. جعل ذلك علامة عَلَى قرب أجله وَأُمِرَ حينئذٍ بالتهيؤ للقاء الله والنقلة إِلَى دار البقاء.

وكأن المعنى أن قد حصل المقصود من إرسالك، وظهر توحيدي في أقطار الأرض وزال منها ظلام الشرك، وحصلت عبادتي، وحدي لا شريك لي، وصار الدين كله لي، فأنا أستدعيك إِلَى جواري لأجزيك أعظم الجزاء {وَلَلْآخِرَةُ خَيْرٌ لَكَ مِنَ الْأُولَى * وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} (٢).

وفي صفته - صلى الله عليه وسلم - في التوراة: "وَلَنْ أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقِيمَ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ بِأَنْ يَقُولُوا: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَأَفْتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا، وَآذَانًا صُمًّا، وَقُلُوبًا غُلْفًا".

وكان -صلى الله عليه وسلم- إِنَّمَا يقاتل عَلَى دخول الناس فى التوحيد كما قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لاَ إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، فَإِذَا قَالُوهَا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الإِسْلاَمِ» (٣).

وكان إذا بعث سرية للغزو يوصي أميرهم بأن يدعو عدوه عند لقائه للتوحيد، وكذلك أمر معاذًا لما بعثه إِلَى اليمن أن يدعوهم إِلَى شهادة


(١) في "الأصل" ازداد. والمثبت أنسب للمعنى. وفي "نسخة": ازدحمت.
(٢) الضحى:٤ - ٥.
(٣) أخرجه البخاري (٢٥)، ومسلم (٢٢) من حديث ابن عمر.
وأخرجه البخاري (٢٩٤٦)، ومسلم (٢٠) من حديث أبي هريرة.
وأخرجه البخاري (٣٩١) من حديث أنس.
وأخرجه مسلم (١/ ٥٣) من حديث جابر.