للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الخصال توجد في علماء السوء من أهل البدع ونحوهم. ولهذا شبهت الرافضة اليهود في نحو من سبعين خصلة.

وأما النصارى فذمهم الله بالجهل والضلال، وبالغلو في الدين بغير الحق، ورفع المخلوق في درجة لا يستحقها، حتى تدعى فيه الألهية. وإتباع الكبراء في التحليل والتحريم. وكل هذا يوجد في جهال المنتسبين إِلَى العبادة من هذه الأمة.

فمنهم من تعبد بالجهل بغير علم؛ بل يذم العِلْم وأهله، ومنهم من يغلو في بعض الشيوخ فيدعي فيه الحلول، ومنهم يدعي الحلول المطلق والاتحاد، ومنهم من يغلو فيمن يعتقده من الشيوخ كما تغلو النصارى في رهبانهم وتعتقد أن لهم أن يغلو في الدين ما شاءوا، وأن من رضي عنه غفر له، ولا يبالي بما عَمِلَ من عَمِلَ، وأن محبتهم لا يضر معها ذنب.

وقد كان الشيوخ العارفون ينهون عن صحبة الأشرار، وأن ينقطع إِلَى الله بصحبة الأخيار، فمن صحب الأخيار بمجرد التعظيم لهم والغلو فيهم زائدٌ عن الحد وأعلق قلبه بهم؛ فقد انقطع عن الله بهم، وإنما المراد من صحبة الأخيار أن يوصلوا من صحبهم إِلَى الله ويسلكوا طريقه ويعلموه دينه.

وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يحث أهله وأصحابه عَلَى التمسك بالطاعة ويقول: «اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنَ اللَّهِ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا» (١) وقال: [لأهله]: "إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْكُمُ الْمُتَّقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يَأْتِيَ النَّاسُ بِالْأَعْمَالِ وَتَأْتُونَ بِالدُّنْيَا تَحْمِلُونَهَا عَلَى رِقَابِكُمْ فتقولون: يَا مُحَمَّدُ؟ فَأَقُولُ: قَدْ بلَّغْتُ» (٢) ولما سأله ربيعة الأسلمي مرافقته في الجنة قال له: «أَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ» (٣).

فإنما يراد من صحبة الأخيار صلاح الأعمال والأحوال والاقتداء بهم في


(١) أخرجه البخاري (٢٧٥٣)، ومسلم (٢٠٦).
(٢) البخاري في "الأدب المفرد" (ص ٣١).
(٣) أخرجه أحمد (٤/ ٥٩).