للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

قال الإمام العلامة الحافظ زين الدين ابن الشيخ أبو العباس أحمد بن رجب - فسح الله في مدته ونفع به:

الْحَمْدُ لِلَّهِ

رسالةٌ في ذمِّ قسوة القلب وذكر أسبابها وما تَئول به.

أمَّا ذمُّ القسوة، فَقَالَ تعالى: {ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ فَهِيَ كَالْحِجَارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً} (١).

ثم بَيَّن وجه كونها أشدّ قسوة، بقوله: {وَإِنَّ مِنَ الْحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنْهُ الْأَنْهَارُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ الْمَاءُ وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ} (١).

وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ وَلَا يَكُونُوا كَالَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلُ فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} (٢).

وقال تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْقَاسِيَةِ قُلُوبُهُمْ مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ} (٣) فوصف أهل الكتاب بالقسوة، ونهانا عن التشبه بهم.

قال بعضُ السلف: لا يكون أشدّ قسوة من صاحب الكتاب إذا قسا.

وفي "الترمذي" (٤)، من حديث ابن عمر قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «لَا تُكْثِرُوا الْكَلَامَ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ، فَإِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ بِغَيْرِ ذِكْرِ اللَّهِ قَسْوَةٌ لِلْقَلْبَ، وَإِنَّ أَبْعَدَ النَّاسِ عَنِ اللَّهِ الْقَلْبُ الْقَاسِي» (٤).


(١) البقرة: ٧٤.
(٢) الحديد: ١٦.
(٣) الزمر: ٢٢.
(٤) برقم (٢٤١١) من طريق إبراهيم بن عبد الله بن حاطب عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر ... فذكره.=