للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

وفي هذا المعنى يقول ابن المبارك -رحمه الله-:

رَأَيْتُ الذُّنُوبَ تُمِيتُ الْقُلُوبَ ... وَيُتْبِعُهَا الذُّلَّ إِدْمَانُهَا

وَتَرْكُ الذُّنُوبِ حَيَاةُ الْقُلُوبِ ... وَالْخَيْرُ لِلنَّفْسِ عِصْيَانهَا

وأمَّا مزيلاتُ القسوة، فمتعددة أيضاً:

فمنها: كثرةُ ذكر الله الَّذِي يتواطأ عليه القلب واللسان؛ قال المعلَّى بن زياد: إِنَّ رجلاً قال للحسن: يا أبا سعيد، أشكو إليك قسوه قلبي، قال: أدنه من الذكر.

وقال وهب بن الورد: نظرنا في هذا الحديث، فلم نجد شيئًا أرق لهذه القلوب ولا أشد استجلابًا للحق من قراءة القرآن لمن تدبره.

وقال يحيى بن مُعاذ، وإبراهيم الخواص: دواءُ القلب خمسة أشياء: قراءة القرآن بالتفكر، وخلاء البطن، وقيام الليل، والتضرَّع عند السحر، ومجالسة الصالحين.

والأصل في إزالة قسوة القلوب بالذكر قوله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} (١).

وقوله تعالى: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ} (٢)، وقال تعالى: {أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنْ تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ وَمَا نَزَلَ مِنَ الْحَقِّ} (٣).


(١) الرعد: ٢٨.
(٢) الزمر: ٢٣.
(٣) الحديد: ١٦.