للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المتوفّى سنة ٦٧٦ هـ أخذ هذه الأحاديث التي أملاها ابنُ الصلاح، وزاد عليها تمام اثنين وأربعين حديثًا، وسمّى كتابه بالأربعين، واشتهرت هذه الأربعون التي جمعها، وكَثُرَ حفظُها ونفع الله بها ببركِة نيَّة جامعها وحُسْنِ قصده رحمه الله.

ثم إنّ الحافظ ابن رجب ضَمَّ إلى ذلك كُلِّه ثمانية أحاديث أُخَرَ من جوامع الكلم الجامعة لأنواع العلوم والحِكَمِ، فبلغت خمسين حديثًا.

ثم استخار الله تعالى -إجابةً لجماعة من طلبة العلم- في جمع كتاب يتضمن شرح ما يَسَّرَ الله من معانيها، وتقييد ما يفتح به سبحانه من تبيين قواعدها ومبانيها.

وقد اعتنى في شرحه هذا بالتفقه بالأحاديث النبوية وتفسير غريبها، وشرح معانيها، وتأويل مختلفها، وبيان أحكامها، وما يترتّبُ عليها من الفقه واختلاف العلماء، فكان من أجلِّ الشروح التي انتهت إلينا، وأكثرها أهمية، وأحفلها بالفوائد.

وقد بدأه بمقدمة موجزةٍ أبانَ فيها عن الطريقة التي اتبعها في الشرح، فقال: "اعلم أنّه ليس من غرضي إلاّ شرْحُ الألفاظ النبوية التي تضمنتها هذه الأحاديث الكلية، فلذلك لا أتقيّدُ بألفاظ (الشيخ) (١) رحمه الله في تراجم رواة هذه الأحاديث من الصحابة رضي الله عنهم، ولا بألفاظه في العزو إلى الكتب التي يعزو إليها، وإنما آتي بالمعنى الذي يدلُّ على ذلك، لأني قد أعلمتُك أنّه ليس لي غرض إلا في شرح معاني كلمات النبيّ - صلى الله عليه وسلم - الجوامع، وما تضمنته من الاّداب والحِكمِ والمعارف، والأحكام والشرائع.

وأشير إشارةً لطيفة قبل الكلام في شرح الحديث إلى إسناده ليُعْلم بذلك صحته وقوته وضعفه، وأذكرُ بعض ما رُوي في معناه من الأحاديث إن كان في ذلك الباب شيء غير الحديث الذي ذكره الشيخ وإن لم يكن في الباب غيرُه أو لم يكن يصِحُّ فيه غيره، على ذلك كُلّه".


(١) يقصد بالشيخ الإمام النووي رحمه الله.