ويرى القارئ بإثر كل حديث تصدَّى المؤلفُ لشرحه جملة أشياء هي:
١ - تخريج الحديث من الصّحاح والمسانيد والسنن والمعاجم مما وعته ذاكرته، وإيرادُ طرقه وألفاظه، والمقارنة بينها، والتدقيق في صحتها، وبيانُ درجته من الصحة أو الحسن أو الضعف، والمؤلف رحمه الله إمامٌ في هذا الباب، فقد غلب عليه علمُ الحديث روايةً وذراية، وصرف مُعظم وقته فيه حتى صار لا يُعرف إلا به، ولم يُر أتقن منه فيه.
٢ - الاستشهادُ بالآيات القرآنية التي تجلو معنى الحديث الذي يعْرِضْ له وتوضحه، ونقل ما هو مأثور عن السلف في بيان المراد منها، واحتفاله بذلك في إحلالها مرتبةَ الصدارة من شواهده.
٣ - إكثارُه من الاستشهاد بالأحاديث النبوية مما ورد في المعنى الذي تضمنه الحديثُ الذي هو بصدد شرحه، يأتي بها على وجهها لا يخْرمُ منها حرفًا، وتخريجُها من مصادرها، وهو شيء كثير وعدد ضخم يدُلُّ على قوة حفظه، ودِقَّة فهمه وسَعَة اطِّلاعه.
وهذه الأحاديث منها ما هو صحيح وهي الكثرة الكاثرة، وقد بين المؤلف درجتها إما بعزوها إلى مخرجيها مني أصحاب الصحاح، وإما بالتنصيص على صحتها، ومنها ما فيه ضعفٌ خفيف وقد نبّه على ضعفها في الأعم الأغلب، وهي من النوع الذي يصلح للمتابعات والشواهد، أو تكون واردة في غير العقائد والأحكام.
وقد ترخص غير واحدٍ من الأئمة ذوي التحقيق في رواية الأحاديث الضعيفة، وجواز العمل بها إذا كان ضعفُها غير شديد، وتندرِجُ تحتَ أصلٍ عام في فضائل الأعمال وكرائم الأخلاق، والقصص والمواعظ، والترغيب والترهيب، وما إلى ذلك.
٤ - تفسيرُ غريب الحديث وشرح مضامينه بالاعتماد على الأحاديث التي ترد في موضوعه، وفيها من التقييد والتخصيص والتوضيح وإزالة