للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

(وتواضعه هذا هو الخشوع، وهو) (*) العِلْم النافع، وهو أول ما يرفع من العِلْم، فخرج النسائي (١) من حديث جبير بن نفير رضي الله عنه، عن عوف بن مالك رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نظر إِلَى السماء يومًا (فَقَالَ) (**): «هَذَا أَوَانٌ يُرْفَعُ فِيهِ الْعِلْمُ» فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ، يُقَالُ لَهُ زِيَادُ بْنُ لَبِيدٍ: يَا رَسُولَ اللَّهِ, يُرْفَعُ الْعِلْمُ وَقَدْ أُثْبِتَ وَوَعَتْهُ الْقُلُوبُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنْ كُنْتُ لَأَحْسَبُكَ مِنْ أَفْقَهِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ» وَذَكَرَ لَهُ ضَلَالَةَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى عَلَى مَا فِي أَيْدِيهِمْ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ: فَلَقِيتُ شَدَّادَ بْنَ أَوْسٍ فَحَدَّتْتُهُ بِحَدِيثِ عَوْفٍ بْنِ مَالِكٍ فَقَالَ: صَدَقَ عَوْفُ أَلاً أُخْبِرُكَ بِأَوَّلِ ذَلِكَ يُرْفَعُ؟ قُلْتُ: بَلَى، قَالَ: الْخُشُوعُ حَتَّى لاً تَرَى خَاشِعًا».

وخرجه الترمذي (٢) من حديث جبير بن نفير عن أبي الدرداء عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بنحوه وفي آخره: قال جبير فلقيت عبادة بن الصامت فقلت: ألا تسمع إِلَى ما يقول أخوك أبو الدرداء: وأخبرته بالذي قال أبو الدرداء، قال: صدق أبو الدرداء، لو شئت لحدثتك بأول علم يرفع من الناس: الخشوع، يوشك أن تدخل مسجد الجامع، فلا ترى فيه رجلاً خاشعًا.

وقد قيل: إِنَّ رواية النسائي أرجح.

وقد روى سعيد بن بشير عن قتادة، عن الحسن رحمه الله تعالى، عن شداد ابن أوس عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أَوَّلَ مَا يُرْفَعُ مِنَ النَّاسِ الْخُشُوعُ" (٣) فذكره.


(*) فصل: وهذا الخشوع هو: "نسخة".
(١) أخرجه النسائي في " الكبرى" (٣/ ٤٥٦).
(*) وقال: "نسخة".
(٢) برقم (٢٦٥٣) قال الترمذي: حسن غريب.
(٣) أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" (٧/ ٧١٨٣) من طريق عمران القطان عن قتادة به بمثله.
قال الشيخ محمد عمرو في تخريجه "للذل والإنكسار" (ص٤٤): وفي شعيب بن بيان الصفار، وعمران القطان: مختلف فيهما، والمهلب بن العلاء: مجهول لا تعرف له ترجمة.
ورواه ابن عدي (٢/ ٨٤٠)، وأبو الشيخ في "الطبقات" (٣/ ١٦٤ - ١٦٥) عن حسام بن مصك عنه، وحسام متروك، والراجح الصحيح رواية جبير بن نفير عن شداد بن أوس موقوفًا عليه من قوله.