للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ورواه أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب مُرسلاً (١).

وروي نحوه عن حذيفة من قوله (٢).

فالعلم النافع هو ما باشر القلوب فأوجب لها السكينة والخشية، والإخباب لله والتواضع والانكسار له، وإذا لم يباشر القلوب ذلك من العِلْم، وإنما كان عَلَى اللسان، فهو حجة الله عَلَى ابن آدم، تقوم عَلَى صاحبه وغيره، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه: "إِنَّ أَقْوَامًا يَقْرَءُونَ القُرْآنَ لاَ يُجَاوِزُ تَرَاقِيَهُمْ، وَلَكِنْ إِذَا وَقَعَ فِي الْقَلْبِ فَرَسَخَ فِيهِ نَفَعَ صَاحِبُهُ". خرجه مسلم (٣).

وقال الحسن رحمه الله تعالى: العِلْم علمان: علم باللسان وعلم بالقلب، فعلم القلب هو العِلْم النافع، وعلم اللسان هو حجة الله عَلَى ابن آدم.

وروي عن الحسن رحمه الله تعالى مرسلاً عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وروي عنه عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا، وعنه عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا، ولا يصحُّ وصله.

فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن العِلْم الَّذِي عند أهل الكتابين من قبلنا موجود بأيديهم ولا ينتفعون بشيء منه لما فقدوا المقصود منه، وهو وصوله إلى قلوبهم حتى يجدوا حلاوة الإيمان به، ومنفعته بحصول الخشية والإنابة لقلوبهم، وإنما هو عَلَى ألسنتهم تقوم به الحجة عليهم.

ولهذا المعنى وصف الله سبحانه في كتابه العُلَمَاء بالخشية كما قال الله تعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ} (٤).


(١) رواه ابن المبارك في "الزهد" (٧٢) ومن طريقه أحمد في "الزهد" (ص٣٩٥).
(٢) أخرجه ابن أبي شيية في "المصنف" (١٣/ ٣٨١) ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية" (١/ ٢٨١)، والحاكم (٤/ ٤٦٩).
(٣) برقم (٨٢٢).
(٤) فاطر: ٢٨.