للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال الحسن رحمه الله تعالى: «إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَقُمْ قَانِتًا كَمَا أَمَرَكَ اللَّهُ، وَإِيَّاكَ وَالسَّهْوَ وَالِالْتِفَاتَ، إِيَّاكَ أَنْ يَنْظُرَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَتَنْظُرَ إِلَى غَيْرِهِ، وَتَسْأَلُ اللَّهَ الْجَنَّةَ وَتَعَوَّذُ بِهِ مِنَ النَّارِ، وَقَلْبُكَ سَاهٍ وَلَا تَدْرِي مَا تَقُولُ بِلِسَانِكَ»، خرجه محمد بن نصر المروزي (١) رحمه الله تعالى.

وروي بإسناده (٢) عن عثمان بن أبي دهرش قال: بلغني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-

صَلَّى صَلَاةً جَهَرَ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَلَمَّا فَرَغَ قَالَ: "هَلْ أَسْقَطْتُ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ فِي شَيْئًا؟ قَالُوا: لاَ نَدْرِي، قَالَ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: نَعَمْ آيَةَ كَذَا وَكَذَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ، يُتْلَى عَلَيْهِمْ كِتَابُ اللَّهِ فَلَا يَدْرُونَ مَا يُتْلَى مِنْهُ مِمَّا تُرِكَ، هَكَذَا خَرَجَتْ عَظَمَةُ اللَّهِ مِنْ قُلُوبِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، فَشَهِدَتْ أَبْدَانُهُمْ وَغَابَتْ قُلُوبُهُمْ، وَلَا يَقْبَلُ اللَّهُ مِنْ عَبْدٍ عَمَلًا حَتَّى يَشْهَدَ بِقَلْبِهِ مَعَ بَدَنِهِ».

والآثار في هذا المعنى كثيرة جدًّا.

ومر عصام بن يوسف رحمه الله تعالى بحاتم الأصم وهو يتكلم في مجلسه فَقَالَ: يا حاتم تحسن تصلي؟ قال: نعم! قال: كيف تصلي؟ قال حاتم: أقوم بالأمر وأمشي بالخشية، وأدخل بالنية، وأكبر بالعظمة، وأقرأ بالترتيل والتفكر، وأركع بالخشوع، وأسجد بالتواضع، وأجلس للتشهد بالتمام، وأسلم بالسبيل والسنة، وأسلمها بالإخلاص إِلَى الله عز وجل، وأرجع عَلَى نفسي بالخوف، أخاف أن لا يقبل مني، وأحفظه بالجهد إِلَى الموت، قال: تكلم فأنت تحسن تصلي.

ومن أنواع العبادات التي يظهر فيها الذل والخشوع لله عز وجل: الدعاء، قال الله تعالى: {ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً} (٣) وقال: {إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ} (٤).

فمما يظهر فيه الذل من الدعاء رفع اليدين.


(١) في "تعظيم قدر الصلاة" (١/ ١٨٩ رقم ١٤٠).
(٢) المصدر السابق (١/ ١٩٨ رقم ١٥٧).
(٣) الأعراف: ٥٥.
(٤) الأنبياء: ٩٠.