للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والرشد ضد الغي.

قال الله تعالى: {قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ} (١).

فمن لم يكن رشيدًا، فهو إما غاوٍ، وإما ضال.

كما قال تعالى: {مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى} (٢).

فالغاوي من تعمد خلاف الحق، والضال من لم يتعمد.

والعزم نوعان:

أحدهما: عزم المريد عَلَى الدخول في الطريق، وهو من البدايات.

والثاني: العزم عَلَى الاستمرار عَلَى الطاعات بعد الدخول فيها، وعلى الانتقال من حال كامل، إِلَى حال أكمل منه، وهو من النهايات.

ولهذا سمى الله تعالى خواص الرسل أولوا العزم -وهم خمسة- وهم أفضل الرسل.

فالعزم الأول يحصل للعبد [به] (*) الدخول في كل خير، والتباعد من كل شر؛ إذ به يحصل للكافر الخروج من الكفر والدخول في الإسلام، وبه يحصل للعاصي الخروج من المعصية والدخول في الطاعة، فَإِذَا كانت العزيمة صادقة، وصمم عليها صاحبها، وحمل عَلَى هوى نفسه وعلى الشيطان حملة صادقة، ودخل فيما أمر به من الطاعات فقد فاز.

وعون الله للعبد عَلَى قدر قوة عزيمته وضعفها، فمن صمم عَلَى إرادة الخير أعانه وثبته، كما قيل:

عَلَى قدر أهل العزم تأتي العزائم ... وتأتي عَلَى قدر الكرام المكارم


(١) البقرة: ٢٥٦.
(٢) النجم: ٢.
(*) زيادة يقتضيها السياق.