للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لما أفضت الخلافة إِلَى عمر بن عبد العزيز رضى الله عنه، بعد سليمان بن عبد الملك، فأول ما اشتغل به دفن سليمان، فلما رجع من دفنه، وصفت له مراكب الخلافة فوقف وأنشد:

ولولا النُّهَى ثم التقى خشية الردى ... لعصيت في حب الصّبا كل زاجر

قضى ما قضى فيما مضى ثم لا ترى ... له عودة أخرى الليالي الغوابر

ثم قال: ما شاء الله، لا قوة إلا بالله، قربوا لي بغلي.

فركب دابته التي كان يركبها أولاً، وسار مستصحبًا لتلك العزيمة، فعلم الله صدقه فيها فأعانه عليها.

فأول ما بدأ به أنه سار لن يديه أهل الموكب، فنحاهم وقال: إِنَّمَا أنا رجل من المسلمين ثم نزل فقعد، فقام الناس بين يديه، فأقعدوا، وقال: إِنَّمَا يقوم الناس لرب العالمين.

ثم عزم عَلَى رد المظالم، فأدركته القائلة، وكان قد تعب وسهر تلك الليلة لموت سليمان بن عبد الملك، فدخل ليقيل ثم يخرج فيرد المظالم وقت صلاة الظهر.

فجاء ابنه عبد الملك فَقَالَ له: أتنام وما رددت المظالم؟

فَقَالَ: إذا صليت الظهر رددتها.

فَقَالَ عبد الملك: ومن لك أن تعيش إِلَى الظهر؟! وإن عشت فمن لك أن تبقى لك نيتك؟!

فقام وخرج ونادى: الصلاة جامعة.

فاجتمع الناس فرد المظالم، وجاء بكتب القرى والأملاك -التي كانت في يده من إقطاع بني أمية- فمزقها كلها، ورد تلك القرى إِلَى بيت مال المسلمين.