للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بسم الله الرحمن الرحيم

ربِّ يسِّر يا كريم

الحمد لله رب العالمين، وصلواته وسلامه عَلَى سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين وبعد:

ففي "الصحيحين" (١) من حديث أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ رضي الله عنه، قَالَ: «قَالَ النِّسَاءُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: غَلَبَنَا عَلَيْكَ الرِّجَالُ، فَاجْعَلْ لَنَا يَوْمًا مِنْ نَفْسِكَ. فَوَاعَدَهُنَّ يَوْمًا لَقِيَهُنَّ فِيهِ، فَوَعَظَهُنَّ وَأَمَرَهُنَّ، فَكَانَ فِيمَا قَالَ لَهُنَّ: مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ وَلَدِهَا، إِلَّا {كَانَ} (٢) لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ. فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ؟ فَقَالَ: وَاثْنَتَيْنِ».

هذا يدل عَلَى أنَّ مجالس النبي صلى الله عليه وسلم للفقه في الدين والتذكير ونحو ذلك لم يكن النساء يحضرنها مع الرجال، وإنما كن يشهدن الصلوات في مؤخر المساجد ليلاً ثم ينصرفن عاجلاً، وكن يشهدن العيدين مع المسلمين منفردات عن الرجال من ورائهم، ولهذا لما خطب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم العيد رأى أنه لم يسمع النساء، فلما فرغ جاء ومعه بلال إِلَى النساء، فوعظهن، وذكرهن وأمرهن بالصدقة، وأجلس الرجال حتى يفرغ من موعظة النساء (٣).

وأصلُ هذا أنَّ اختلاط النساء بالرجال في المجالس بدعةٌ، كما قال الحسن البصري؛ فلذلك قال له النساءُ: يا رسول الله، غَلَبنا عليك الرجال.


(١) أخرجه البخاري (١٠١)، ومسلم (٢٦٣٣).
(٢) قال الحافظ في "الفتح" (١/ ٢٣٦): وتعرب "كان" تامة، أي حصل لها حجاب. وللمصنف في الجنائز: "إلا كن لها" أي: الأنفس التي تقدم. وله في الاعتصام: "إذا كانوا" أي: الأولاد.
(٣) أخرجه البخاري (٩٨)، ومسلم (٨٨٤) من حديث ابن عباس. وأخرجه البخاري (٩٧٨)، ومسلم (٨٨٥) من حديث جابر.