للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقد روي من حديث أبي هريرة "أن النساء قلن: يا رسول الله، إنا لا نقدر عَلَى أن نجالسك في مجلسك، قد غلبنا {عليك} (١) الرجال! فواعدنا موعدًا نأتيك، قال: موعدكن بيت فلانة. فأتاهن فحدثهن" (٢).

وقد أمره الله تعالى أن يبلِّغ ما أُنزل إِلَيْهِ للرجال والنساء، وأن يعلم الجميع كما قال له: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} (٣) الآية.

وقال: {وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} (٤) الآية.

فامتثل ما أمره الله تعالى، ووعدهن مجلسًا خالصًا لهن في بيت امرأة، ولعل تلك المرأة كانت من أزواجه أو محارمه، والله أعلم بحقيقة ذلك.

ثم وفى بموعده لهن فأتاهن في يوم موعدهن، فوعظهن وأمرهن ونهاهن، ورغبهن ورهبهن، فكان من جُملة ما بشَّرهن به أن قال لهن: «مَا مِنْكُنَّ امْرَأَةٌ تُقَدِّمُ ثَلاَثَةً مِنْ وَلَدِهَا إِلَّا {كَانُو} (٥) لَهَا حِجَابًا مِنَ النَّارِ. فَقَالَتِ امْرَأَةٌ: وَاثْنَتَيْنِ؟ قَالَ: وَاثْنَتَيْنِ» (٦).

وليس في هذا الحديث {أنهم} (٧) لم يبلغوا الحنث.

وعمومُه يدخل فيه من بلغ الحنث ومن لم يبلغ؛ والمصيبة بمن بلغ أعظم وأشق عَلَى النفوس.


(١) في "الأصل": "عَلَى" والمثبت هو الصواب.
(٢) أخرجه مسلم (٢٦٣٣).
(٣) الأحزاب: ٥٩.
(٤) النور: ٣١.
(٥) في "الأصل": كان، والمثبت من البخاري.
(٦) أخرجه البخاري (١٢٤٩) من حديث أبي سعيد، ومسلم (٢٦٣٤) من حديث أبي هريرة.
(٧) طمس بالأصل، والمثبت لمراعاة السياق.