للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فما فرَّق إلا ليجمع، ولا أخذ إلا ليرد، ولا سلب إلا ليهب، ولا استرد العواري إلا ليردها تمليكًا ثابتًا لا استرجاع فيه بعد ذلك.

وفي مراسيل الحسن "أن النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع رجلاً يقول: لأن أموت قبل أخي أَحَبّ إلي. فَقَالَ: لأنّ يكون لك أَحَبّ إليك من أن تكون له".

قال الحسن: علموا أنَّ ما لهم من أهاليهم إلا ما قدَّموا أمامهم.

وكذا قال عمر بن عبد العزيز وغيره، ويشهد له حديث: "الرَّقوب (١) من لم يقدم ولدًا".

سبحان من أنعم عَلَى عباده بما خولهم من المال والولد، ثم استرجع بعض ذلك منهم كُرهًا، وعوضهم الصلاة والرحمة والهدى، وذلك أفضل مما أخذ كما قيل:

[شعر]

عطِيَّتُهُ إذا أعطى سرورا ... وإن أخذ الَّذِي أعطى أثابا

فأي النعمتين أجلُّ قدرًا ... وأحمدُ في عواقبها مآبا

أرَحْمتُهُ التي جاءت بكرهِ ... أم الأخرى التي جلبت ثوابا

بل الأخرى وإن نزلت بضرٍّ ... أجلُّ لفقد من صبر احتسابا

آخرُه، والحمد لله وحده، وصلى الله عَلَى سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا. تم.


(١) الرقوب: الرجل والمرأة لم يعش لهما ولد. "النهاية" (٢/ ٢٤٩).